للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعة منهم في هذه الآية وشرائعهم مختلفة لا يمكن الجمع بينها، فدل على أن المراد ما اجتمعوا عليه من التوحيد وعبادة الله تعالى.

فإن قيل النبي صلى الله عليه وسلم إنما نفى الشرك وأثبت التوحيد بناء على الدلائل القطعية، وإذا كان كذلك لم يكن متابعا لأحد، فيمتنع حمل قوله: {أَنِ اتَّبِعْ} على هذا المعنى، فوجب حمله على الشرائع التي صح حصول المتابعة فيها.


إسحاق بن إبراهيم، "على قول من يقول: إنه ليس برسول" وإنما هو نبي على شريعة أبيه يعقوب، أو على ملة إبراهيم، والجمهور على أنه رسول بعث إلى القبط، لقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} [غافر: ٣٤] ، فإن المراد يوسف بن يعقوب، والقائل بأنه ليس برسول، قال: المراد في الآية حفيده يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب "وقد سمى الله تعالى جماعة منهم" سرد أسماءهم على التوالي "في هذه الآية" ثم أمره بالاقتداء بهم "وشرائعهم مختلفة، لا يمكن الجمع بينها" حتى يؤمر باتباعهم جميعا في فروع الشرائع العلمية التعبدية، "فدل على أن المراد ما اجتمعوا عليه من التوحيد وعبادة الله تعالى" القلبية التي لم يختلف فيها ونحوها من أصول الدين، وهذا أورده عياض ردا على من قال: كان يتعبد قبل البعثة على شريعة إبراهيم، فأورده المصنف ردا على من قال: كان بعدها على شريعته، لأنه أهم بالاعتناء برده، وكلاهما حسن، ولما كان ساقطا صادرا عن قلة العقل، لم يعتن عياض برده، وإنما قال عقب قوله: بل الصحيح أنه لم يكن لنبي دعوة عامة إلا لنبينا، ولا حجة أيضا للآخرين، أي القائلين بأنه كان قبل البعثة متبعا لشريعة إبراهيم في قوله تعالى: {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النساء: ١٢٥] ، ولا للآخرين في قوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} فحمل هذه الآية على اتباعهم في التوحيد، كقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠] وقد سمى فيهم من لم يبعث ... إلخ ما ذكر المصنف هنا بالحرف، وقال بعده: هل يلزم من قال بمنع الاتباع بهذا القول في سائر الأنبياء غير نبينا أو يخالفون بينهم، أما من منع الاتباع عقلا، فيطرد أصله في كل رسول بلا مرية، وأما من مال إلى النقل فأينما تصور له وتقرر تبعه، ومن قال بالوقف فعلى أصله، ومن قال بوجوب الاتباع لمن قبله فليلتزمه بمساق حجته في كل نبي. ا. هـ.
"فإن قيل: النبي صلى الله عليه وسلم إنما نفى الشرك وأثبت التوحيد بناء على الدلائل القطعية" العقلية والنقلية "وإذا كان كذلك لم يكن متابعا لأحد، فيمتنع حمل قوله: {أَنِ اتَّبِعْ} على هذا المعنى" الذي هو التوحيد، "فوجب حمله على الشرائع التي يصح حصول المتابعة فيها"

<<  <  ج: ص:  >  >>