زاد الحافظ: قال شيخنا شيخ الإسلام، يعني البلقيني: الأحسن تقدير ما يقتضي أن الأعمال تتبع النية، لقوله: فمن كانت هجرته ... إلخ، وعلى هذا يقدر المحذوف كونا مطلقا من اسم فاعل أو فعل، ثم لفظ العمل يتناول فعل الجوارح حتى اللسان، فتدخل الأقوال. قال ابن دقيق العيد: وأخرج بعضهم الأقوال وهو بعيد، ولا تردد عندي في أن الحديث بتناولها، وأما التروك، فهي وإن كانت فعل كف، لكن لا يطلق عليها لفظ العمل، وقد تعقب على من سمى القول عملا، لكونه عمل اللسان، بأن من حلف لا يعمل عملا، فقال قولا لا يحنث. وأجيب: بأن مرجع اليمين إلى العرف والقول لا يسمى عملا في العرف، ولهذا يعطف عليه، والتحقيق أن القول لا يدخل في العمل حقيقة ويدخل مجازا، وكذا الفعل، كقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: ١١٢] ، بعد قوله: {زُخْرُفَ الْقَوْلِ} ، وأما عمل القلب فالنية، ولا يتناولها الحديث لئلا يلزم التسلسل والمعرفة، وفي تناولها نظر. قال بعضهم: هي محال، لأن النية قصد المنوي، وإنما يقصد المرء ما يعرف، يلزم أن يكون عارفا قبل المعرفة، وتعقبه شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني بما حاصله، إن كان المراد بالمعرفة مطلق الشعور فمسلم، وإن كان المراد النظر في الدليل فلا، لأن كل ذي عقل يشعر مثلا بأن له من يدبره، فإذا أخذ في النظر في الدليل عليه ليتحققه لم تكن النية حينئذ محالا. "وقال ابن دقيق العيد: الذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال، والذين لم يشترطوها قدروا كمال الأعمال" إذ لا بد من محذوف يتعلق به الجار والمجرور، فقدر كل ما يوافق رأيه، "ورجح الأول، لأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال، فالحمل عليها