للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال فيما سألوه عن الروح {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: ٨٥] الآية.

وفي البخاري من حديث عبد الله بن مسعود قال: بينا أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث، وهو متكئ على عسيب. إذ مر اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فقالوا: ما رابكم إليه.............................


فقال: "كان من الروم فأعطي ملكًا فسار إلى مصر فبنى الإسكندرية فلما فرغ أتاه ملك فعرج به، فقال: انظر ما تحتك، فقال: أرى مدينتي ومدائن حولها، ثم عرج به فقال: انظر ما تحتك، قال أرى مدينة واحدة، قال: تلك الأرض كلها، وإنما أراد الله تعالى أن يريك، وقد جعل الله لك في الأرض سلطانًا، فسر فيها وعلم الجاهل وثبت العالم"، وهذا لو صح لرفع النزاع كله، لكنه ضعيف، انتهى. وذكر نحوه الحافظ ابن كثير وصوب أيضًا أن ذا القرنين غير الإسكندر فعض عليه بالنواجذ.
"وقال فيما سألوه" ما مصدرية، أي: في جواب سؤالهم "عن الروح" ولعل حكمة المغايرة بينه وبين ما قبله أنه بين فيه نفس المسئول عنه وهو الفتية والرجل، ولم يبينه هنا بل رد علمه إليه سبحانه، فقال تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: ٨٥] ، أي: علمه لا تعلمونه.
"وفي البخاري" في العلم والتفسير والاعتصام والتوحيد ما يعارض ما علم من أن السؤال من قريش بمكة، فإنه أخرج "من حديث عبد الله بن مسعود، قال بينا أنا" أمشي "مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث" بفتح الحاء وراء مهملتين فمثلثة، أي: زرع، وفي العلم: في خرب المدينة بمعجمة مفتوحة وراء مكسورة وموحدة، قال الحافظ: والأول أصوب لرواية مسلم في نخل، زاد في العلم: بالمدينة، وابن مردويه: للأنصار، "وهو متئ" معتمد، وفي العلم: وهو يتكئ "على عسيب" بفتح العين وكسر السين المهملتين وسكون التحتانية وموحدة، وهي الجريدة التي لا خوص فيها، ولابن حبان: ومعه جريدة، "إذ مر اليهود" كذا في التفسير بالرفع على الفاعلية في المواضع الثلاثة مر بنفر من اليهود، وكذا رواه مسلم، قال الحافظ فيحمل على أن الفريقين تلاقوا فيصدق أن كلا مر بالآخر، ولم أقف في شيء من الطرق على تسمية أحد من هؤلاء اليهود، "فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح" وفي الاعتصام والتوحيد: وقال بعضهم: لا تسألوه، "فقالوا" وفي العلم والتفسير: قال بالإفراد، أي: بعضهم، "ما رابكم إليه" بلفظ الفعل الماضي بلا همز من الريب، قال عياض: أي ما شككم في أمر الروح، أو ما الريب الذي رابكم حتى احتجتم إلى معرفته والسؤال عنه، أو ما دعاكم إلى شيء يسوءكم عقباه، ألا ترى قوله: لا يستقبلكم ... إلخ، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>