للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى البخاري أيضا عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي -قال محمد بن سيرين: وأكثر ظني العصر- ركعتين ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها، وفيهم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وخرج سرعان الناس، فقالوا أقصرت الصلاة، ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: "لم أنس


أصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذي اليدين، ونص على ذلك الشافعي في اختلاف الحديث.
"وروى البخاري أيضا" هنا وقبله في أبواب المساجد "عن ابن سيرين" محمد، "عن أبي هريرة قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي" بفتح العين وكسر الشين وشد الياء الظهر أو العصر "قال محمد بن سيرين وأكثر" بالمثلثة "ظني العصر" بالنصب على المفعولية ولأبي ذر: العصر بالرفع قاله المصنف الحافظ وإنما رجح ذلك عنده، لأن في حديث عمران الجزم بأنها العصر. "ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد" أي: في جهة القبلة "فوضع يده عليها" أي: على الخشبة، وفي رواية للبخاري فقام إلى خشبة معروضة، أي: موضوعة بالعرض، ولمسلم: ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليه مغضبا، قال الحافظ: ولا تنافي بين هذه الروايات لأنها تحمل على أن الجذع كان ممتدا بالعرض وكأنه الجذع الذي كان صلى الله عليه وسلم يستند إليه قبل اتخاذ المنبر وبذلك جزم بعض الشراح، "وفيهم أبو بكر وعمر فهابا" وفي رواية للبخاري: فهاباه بهاء الضمير "أن يكلماه" أي: غلب عليهما احترامه وتعظيمه عن الاعتراض عليه، كذا المصنف تبعا للفتح وفيه قلاقة، إذ لا اعتراض هنا إنما هو استفهام، فإنما هاباه احتراما وتعظيما مع علمهما أنه يبين بعد ذلك، وأما ذو اليدين فغلب عليه الحرص على تعلم العلم، "وخرج سرعان الناس" بفتح المهملات ومنهم من سكن الراء.
وحكى عياض أن الأصيلي ضبطه بضم ثم إسكان كأنه جمع سريع مثل كثيب وكثبان، والمراد بهم أوائل الناس خروجا من المسجد وهم أصحاب الحاجات غالبا، "فقالوا: أقصرت الصلاة" بهمزة الاستفهام، وفي رواية للبخاري بحذفها، فتحمل تلك على هذه وفيه دليل على ورعهم إذ لم يجزموا بوقوع شيء بغير علم وهابوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يسألوه، وإنما استفهموا لأنه زمان النسخ وقصرت بضم القاف وكسر المهملة على البناء للمفعول، أي: أن الله قصرها، وبفتح ثم ضم على البناء للفاعل، أي: صارت قصيرة.
قال النووي: هذا أكثر وأرجح، "و" قال "رجل" هناك "يدعوه" أي: يسميه "النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين" وفي رواية للبخاري: وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين، "فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>