"قال الحافظ ابن كثير: وهذا يقتضي فيما يظهر من بادئ الرأي" بالهمز، أي: أوله من غير تثبت وتفكر فيه أو ظاهره دون تفكر فيه باطنًا، "أن هذه آية مدنية، وأنها إنما نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة مع أن السورة كلها مكية" وقيل: إلا قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} [الإسراء: ٧٣] ، إلى آخر ثمان آيات؛ كما في الأنوار، وبه جزم الجلال، "وقد يجاب عن هذا" الاختلاف "بأنه قد تكون نزلت عليه مرة ثانية بالمدينة؛ كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، ومما يدل على نزولها بمكة ما روى الإمام أحمد من حديث ابن عباس، قال: قالت قريش لليهود: أعطونا" بفتح الهمزة "شيئًا نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، فسألوه فنزلت. الحديث، انتهى". "وهذا الحديث" الذي عزاه ابن كثير لأحمد، "رواه الترمذي أيضًا" وقال: إنه صحيح فقصر ابن كثير بل عليه معمر في غزوه لأحمد فقط؛ لأن الحديث إذا كان في أحد الستة لا ينقل من غيرها إلا لزيادة أو صحة؛ كما قال مغلطاي، فكيف وقد صرح الترمذي رواية بصحته وهو ظاهر؛ لأنه "بإسناد رجاله رجال مسلم" فهو من المرتبة السادسة من مراتب الصحيح؛ كما في الألفية، وإن كان لا يلزم أنه كصحة ما رواه مسلم نفسه، كما نبه على ذلك ابن الصلاح في مقدمة شرح مسلم، فقال: من حكم لشخص بمجرد رواية مسلم عنه في الصحيح بأنه من شرط الصحيح عند مسلم، فقد غفل وأخطأ، بل ذلك يتوقف على النظر في كيفية روايته عنه، وعلى أخرج حديثه؟ "فيحمل على تعدد النزول؛ كما أشار إليه ابن كثير" وكذا الحافظ ابن