للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحمل سكوته في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك.

وقد اختلف في المراد بالروح المسئول عنه في هذا الخبر:

فقيل: روح الإنسان. وقيل: جبريل. وقيل: عيسى: وقيل: ملك يقوم وحده صفا يوم القيامة. وقيل غير ذلك.


حجر، وحيث قلنا بذلك فالعلم حاصل، فما وجه ترك المبادرة بالجواب؟ "و" جهه كما قال الحافظ أنه "يحمل سكوته في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك" قال: أعني الحافظ، فإن ساغ هذا وإلا فما في الصحيح أصح.
وفي الإتقان: إذا استوى الإسنادان صحة رجح أحدهما بحضور رواية القصة ونحو ذلك من وجوه الترجيحات، ومثل بحديثي ابن مسعود وابن عباس المذكورين، ثم قال: وحديث ابن عباس يقتضي نزولها بمكة والأول خلافه، وقد يرجح بأن ما رواه البخاري أصح وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة لكنه نقل في الإتقان نفسه بعد قليل عن الزركشي في البرهان: قد ينزل الشيء مرتين تعظيمًا لشأنه وتذكيرًا عند حدوث سببه خوف نسيانه، ثم ذكر منه آية الروح، فإن سورة الإسراء مكية وسبب نزولها يدل على أنها نزلت بالمدينة، ولذا أشكل ذلك على بعضهم ولا إشكال؛ لأنها نزلت مرة بعد مرة، انتهى.
"وقد اختلف في المراد بالروح المسئول عنه في هذا الخبر" لأن الروح جاء في التنزيل على معان، "فقيل: روح الإنسان" الذي يحيا به البدن، وقيل: روح الحيوان، "وقيل جبريل" كقوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: ١٧] ، "وقيل: عيسى" كقوله: وروح منه. وقيل: القرآن؛ كقوله: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا} [الشورى: ٥٢] . وقيل: الوحي؛ كقوله: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} [غافر: ١٥] .
"وقيل: ملك يقوم وحده صفًا يوم القيامة، وقيل غير ذلك" فقيل: ملك له أحد عشر ألف جناح ووجه، وقيل: ملك له سبعون ألف لسان، وقيل: سبعون ألف وجه في كل وه سبعون ألف لسان، لكل لسان ألف لغة، يسبح الله بكلها فيخلق بكل تسبيحة ملكًا يطير مع الملائكة، وقيل: ملك رجلاه في الأرض السفلى ورأسه عند قائمة العرش. وقيل: خلق كخلق بني آدم، يقال لهم الروح يأكلون ويشربون لا ينزل ملك من السماء إلا ومعه واحد منهم. وقيل: خلق يرون الملائكة ولا تراهم الملائكة، كالملائكة لبني آدم؛ كذا ذكره ابن التين بزيادات من كلام غيره. قال الحافظ: وهذا إنما اجتمع من كلام أهل التفسير في معنى: لفنا الروح الوارد في القرآن، لا في خصوص هذه الآية، فمنه نزل به الروح، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا} [الشورى: ٥٢] ،

<<  <  ج: ص:  >  >>