وروى إسحاق يعني ابن راهويه في تفسيره بإسناد صحيح، عن ابن عباس، قال: الروح من أمر الله، وخلق من خلق الله، وصور كبني آدم لا ينزل ملك إلا ومعه واحد من الروح، انتهى. "قال القرطبي: الراجح" وهو قول الأكثر "أنهم سألوه عن روح الإنسان؛ لأن اليهود لا تعترف بأن عيسى روح الله" واضح، وأما قوله: "ولا تجهل أن جبريل ملك، وأن الملائكة أرواح" فغير واضح، إذ سؤالهم تعنت وامتحان لا استفهام، كما هو معلوم، وجنح ابن القيم في كتاب الروح إلى ترجيح أن الروح المسئول عنه، ما وقع في قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: ٣٨] ، قال: فأما أرواح بني آدم فلم تسم في القرآن إلا نفسًا، قال الحافظ: ولا دلالة فيه لما رجحه بل الراجح الأول، فقد أخرج الطبري من طريق العوفي، عن ابن عباس، أنهم قالوا: أخبرنا عن الروح وكيف يعذب الروح الذي في الجسد، وإنما الروح من الله؟ فنزلت الآية. "وقال الإمام فخر الدين" الرازي "المختار أنهم سألوه عن الروح الذي هو سبب الحياة، وأن الجواب وقع على أحسن الوجوه وبيانه أن السؤال عن الروح يحتمل" أنه عن "ماهيته" أي حقيقته، "وهل هي متميزة" منفصلة عن البدن غير حالة فيه، تتعلق به تعلق العاشق بالمعشوق وتدبر أمره على وجه لا يعلمه إلا الله؛ كما قال الغزالي والحكماء وكثير من الصوفية، "أم لا؟ " بل حالة فيه حلول الزيت في الزيتون؛ كما قال جمهور أهل السنة. "وهل هي حالة في متحيز، أم لا؟ وهل هي قديمة" كما قال الزنادقة، "أم حادثة؟ " مخلوقة، كما أجمع عليه أهل السنة، وممن نقل الإجماع: محمد بن نصر المروزي وابن قتيبة، ومن الأدلة عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "الأرواح جنود مجندة، والمجندة لا تكون إلا مخلوقة"، "وهل تبقى بعد انفصالها من الجسد" بالموت وهو الصحيح والأخبار به طافحة، ففي فنائها عند القيامة ثم