للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجاب ذو اليدين في رواية أبي سفيان بقوله: قد كان بعض ذلك، وأجابه في هذه الرواية بقوله: "بلى قد نسيت" لأنه لما نفى الأمرين وكان مقررا عند الصحابة أن السهو غير جائز عليه في الأمور البلاغية جزم بوقوع النسيان لا القصر.

وهو حجة لمن قال إن السهو جائز على الأنبياء فيما طريقه التشريع. قال ابن دقيق العيد: وهو قول عامة العلماء والنظار، وشذت طائفة فقالوا: لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم السهو، وهذا الحديث يرد عليهم -يعني حديث ابن مسعود- فإن فيه: "إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون". وإن كان القاضي عياض نقل الإجماع على عدم جواز دخول السهو في الأقوال التبليغية، وخص الخلاف بالأفعال. لكنهم تعقبوه.

نعم اتفق من جوز ذلك على أنه لا يقر عليه، بل يقع له بيان ذلك، إما متصلا بالفعل أو بعده، كما وقع في هذا الحديث من قوله: "لم أنس ولم تقصر"


أصلا، فيصح أن يقال: لم يكن كل ذلك، بل بعضه كما تقرر في علم البيان، "ولهذا أجاب ذو اليدين في رواية أبي سفيان بقوله: قد كان بعض ذلك، وأجابه في هذه الرواية" أي رواية ابن سيرين، "بقوله: بلى قد نسيت، لأنه لما نفى الأمرين" بقوله: "كل ذلك لم يكن"، "وكان مقررا عند الصحابة أن السهو غير جائز عليه في الأمور البلاغية" أي: التي طلب منه إبلاغها للناس، "جزم بوقوع النسيان لا القصر وهو حجة لمن قال: إن السهو جائز على الأنبياء فيما طريقه التشريع" لما يترتب عليه من الفوائد.
"قال ابن دقيق: وهو قول عامة العلماء والنظار، وشذت طائفة فقالوا: لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم السهو" تنزيها لمقامه عنه، "وهذا الحديث يرد عليهم، يعني حديث ابن مسعود، فإن فيه إنما أنا بشر مثلكم أنسى" وزاد: "كما تنسون" دفعا لمن يقول ليس نسيانه كنسياننا، "إن كا القاضي عياض نقل الإجماع على عدم جواز السهو في الأقوال التبليغية" التي أمر بتبليغها للأمة، لأنه يوجب التشكيك وتشبث الطاعن بها، "وخص الخلاف بالأقوال" وفرق عياض بأن الدليل قام على صدق القول، فخلافه ولو سهوا يناقضه بخلاف الأفعال فلا يناقضه ولا يقدح في النبوة، لأن الغفلة من سمات البشر، "لكنهم" أي: العلماء "تعقبوه" بأن الخلاف مطلق "نعم" استدراك لدفع كون وقوعه سهوا يناقض المعجزة، "اتفق من جوز ذلك على أن لا يقر عليه، بل يقع له بيان ذلك إما متصلا بالفعل أو بعده كما وقع في هذا الحديث من قوله: "لم أنس ولم تقصر". ثم تبين أنه نسي ومعنى" الأولى فمعنى بالفاء "قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>