للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تبين أنه نسي.

ومعنى قوله: "لم أنس" أي في اعتقادي، لا في نفس الأمر، ويستفاد منه: أن الاعتقاد عند فقد اليقين يقوم مقام اليقين، وفائدة السهو في مثل ذلك بيان الحكم الشرعي إذا وقع مثله لغيره.

وأما من منع السهو مطلقا، فأجابوا عن هذا الحديث بأجوبة:

فقيل: قوله "لم أنس" نفي للنسيان، ولا يلزم منه نفي السهو، وهذا قول من فرق بينهما، وقد تقدم تضعيفه، ويكفي فيه قوله في هذه الرواية: "بلى قد نسيت" وأقره على ذلك.

وقيل: قوله: "لم أنس" على ظاهره وحقيقته، وكان يتعمد ما يقع منه من ذلك ليقع التشريع منه بالفعل، لكونه أبلغ من القول.

وتعقب: بحديث ابن مسعود عند البخاري ومسلم بلفظ "صلى


"لم أنس". أي: في اعتقادي لا في نفس الأمر" إذ الواقع أنه نسي، "ويستفاد منه أن الاعتقاد عند فقد اليقين يقوم مقام اليقين" ينبغي أن يراد به ما يشمل الظن لا ما اصطلح عليه الأصوليون أنه حكم الذهن الجازم القابل للتغير، وأما الراجح الذي لا جزم معه فهو الظن، قاله شيخنا: "وفائدة السهو في مثل ذلك بيان الحكم الشرعي إذا وقع مثله لغيره" لأن البيان بالفعل أظهر منه بالقول لمشاهدة صفة الفعل في زمن قليل بخلاف القول فيحتاج للتفصيل، ولأنه أرفع للاحتمال، إذ لو قال من سها فليسجد سجدتين في آخر صلاته احتمل أنه أراد من سها في أمر من أموره، سواء كان في نفس الصلاة أو غيرها وإن كان بعيدا.
"وأما من منع السهو مطلقا" في الأقوال والأفعال وهم جماعة صوفية، "فأجابوا عن هذا الحديث بأجوبة، فقيل: قوله: "لم أنس". نفي للنسيان، ولا يلزم منه نفي السهو، وهذا قول من فرق بينهما، وقد تقدم" قريبا "تضعيفه" بأنه خلاف اللغة والحديث، "ويكفي فيه" أي: تضعيفه "قوله في هذه الرواية: بلى قد نسيت وأقره على ذلك" إذ لو كان بينهما فرق لبينه ولم يقره.
"وقيل: قوله: "لم أنس". على ظاهره وحقيقته، وكان يتعمد ما يقع منه من ذلك ليقع التشريع منه بالفعل لكونه أبلغ من القول".
"وتعقب بحديث ابن مسعود عند البخاري ومسلم" وأبي داود والنسائي وابن ماجه،

<<  <  ج: ص:  >  >>