للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم فزاد أو نقص، شك بعض الرواة، والصحيح أنه زاد، فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: "وما ذاك"؟ قالا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: "إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون, فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر


"بلفظ: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" الظهر على الأصح أو العصر، "فزاد أو نقص شك بعض الرواة" هو إبراهيم النخعي رواية عن علقمة عن ابن مسعود، ففي البخاري قال إبراهيم لا أدري زاد أو نقص، وفي مسلم: "قال إبراهيم والوهم مني، أي: الشك، وفيه أيضا قال إبراهيم: وايم الله ما ذاك إلا من قبلي.
"والصحيح أنه زاد" ففي الصحيحين من طريق الحكم عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمسا، قال الحافظ: فلعل إبراهيم شك لما حدث منصور أو تيقن لما حدث الحكم، وتابع الحكم على ذلك حماد بن أبي سليمان وطلحة بن مصرف وغيرهما، وعين في رواية الحكم وحماد أيضا، أنها الظهر، وللطبراني من رواية طلحة عن إبراهيم، أنها العصر، وما في الصحيح أصح.
"فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث"، "بفتحات والهمزة للاستفهام"، "أي: أوقع "في الصلاة شيء"؟ يوجب تغيير حكمها عما عهدوه، ودل استفاهمهم عن ذلك على جواز النسخ عندهم، وأنهم كانوا يتوقعونه، "قال: "وما ذاك"؟، أي: سبب سؤالكم، وفيه إشعار بأنه لم يكن عنده شعور بما وقع منه من الزيادة، "قالوا: صليت كذا وكذا" كناية عما وقع زائدا عن المعهود، "فثنى" بخفة النون، أي: عطف "رجليه" بالتثنية، وفي رواية: بالإفراد بأن جلس كهيئة قعود التشهد "واستقبل القبلة وسجد سجدتين" للسهو، "ثم سلم" واحتد به على رجوع الإمام لقول المأمومين: لكن يحتمل أنه تذكر عند ذلك، أو أن سؤالهم أحدث عنده شكا فسجد للشك الذي طرأ لا لمجرد قولهم: "فلما أقبل علينا بوجهه، قال": "إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم" أي: أخبرتكم "به" أي: بالحدث وفيه عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة، "ولكن إنما أنا بشر مثلكم" أي: بالنسبة إلى الاطلاع على بواطن المخاطبين لا بالنسبة إلى كل شيء "أنسى كما تنسون"، بهمزة مفتوحة وسين مخففة.
قال الزركشي: ومن قيده بضم أوله وتشديد ثالثه فهو يناسب التشبيه، "فإذا نسيت فذكروني" في الصلاة بالتسبيح ونحوه، "وإذا شك أحدكم" بأن استوى عنده طرفا العلم والجهل "في صلاته فليتحر" بحاء مهملة وراء مشددة، أي: فليقصد "الصواب" بالأخذ باليقين فيبني عليه عند مالك والشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>