للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا


جزم به أكثر الشافعية، ويحتمل أن قصر زمن ذلك أن يستمر مستقبلا للقبلة، لأنها أليق بالدعاء ويحمل الأول على ما لو طال الذكر والدعاء. انتهى.
"وكان" صلى الله عليه وسلم "يقول" في دبر كل صلاة مكتوبة كما في البخاري ولمسلم: كان إذا فرغ من الصلاة وسلم، وله أيضا: إذا قضى الصلاة "لا إله إلا الله" بالرفع خبر لا، أو على البدل من الضمير المستتر في الخبر المقدر، أو من اسم لا باعتبار محله قبل دخولها عليه "وحده" نصب حال، أي منفردا "لا شريك له" تأكيد لوحدانيته، فالمتصف بالوحدانية لا شريك له "له الملك" بضم الميم، أي: أصناف المخلوقات "وله الحمد".
زاد الطبراني من طريق آخر رواته ثقات عن المغيرة: يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير "وهو على كل شيء قدير" ولأحمد والنسائي وابن خزيمة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك ثلاث مرات. "اللهم لا مانع لما أعطيت" أي: الذي أعطيته، أي: أردت إعطاءه، وإلا فبعد الإعطاء من كل أحد لا مانع، إذ الواقع لا يرتفع "ولا معطي لما منعت" أي: الذي منعته.
زاد عبد بن حميد في مسنده: ولا إرادة لما قضيت، لكن حذف قوله: ولا معطي لما منعت، ورواه الطبراني تاما من وجه آخر، وقد أجاز البغداديون ترك تنوين الاسم المطول فأجاز، وإلا طالع جبل أجروه في ذلك مجرى المضاف، كما أجرى مجراه في الإعراب.
قال الجمال بن هشام: وعلى ذلك يتخرج الحديث، قال البدر الدماميني: بل يتخرج على قول البصريين أيضا بجعل مانع اسم لا مفردا مبنيا معها، إما لتركبه معها تركيب خمسة عشر، وإما لتضمنه معنى من الاستغراقية على الخلاف المعروف في المسألة والخبر محذوف، أي: لا مانع لما أعطيت واللام للتقوية، فلك أن تقول: تتعلق، وأن تقول: لا تتعلق، وكذا القول في: ولا معطي لما منعت، وجوز الحذف ذكر مثل المحذوف، فحسنه دفع التكرار، فظهر بذلك أن التنوين على رأي البصريين ممتنع، ولعل السر في العدول، عن تنوينه إرادة التنصيص على الاستغراق، ومع التنوين يكون الاستغراق ظاهرا لا نصا. انتهى.
"ولا ينفع ذا الجد، منك الجد" بفتح الجيم فيهما في جميع الروايات ومعناه الغنى كما نقله البخاري عن الحسن أو الحظ، وقيل: أبو الأب: أي: لا ينفع أحدًا نسبه، وعن أبي عمرو الشيباني، أنه رواه بالكسر، وقال: معناه ذا الاجتهاد اجتهاده، وأنكره الطبري ووجهه القزاز، بأن الاجتهاد في العمل نافع، لأن الله قد دعا الخلق إليه، فكيف لا ينفع عنده، قال: فيحتمل أن المراد الاجتهاد في طلب الدنيا وتضييع أمر الآخرة، وقال غيره: لعل المراد لا ينفع بمجرده ما لم يقارنه القبول، وذلك لا يكون إلا بفضل الله ورحمته، وقيل: المراد السعي التام في الحرص

<<  <  ج: ص:  >  >>