قال البيضاوي: إنما ذلك في صلاة بعدها راتبة، أما التي لا راتبة بعدها كالصبح فلا. قال غيره لما صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقعد بعد الصبح في مصلاه حتى تطلع الشمس، "رواه مسلم" وأصحاب السنن الأربعة، "وهذا الحديث يتمسك به من قال: إن الدعاء بعد الصلاة لا يشرع" للحصر بأنه إنما كان يقعد بقدر ما يقول ذلك. "والجواب أن المراد بالنفي المذكور" بقوله لا يقعد "نفي استمراره عليه السلام جالسا على هيئته قبل السلام إلا بقدر أن يقول ما ذكر" فليس نفيا مطلقا حتى يكون حجة لعدم مشروعية الدعاء، قال الحافظ: يؤخذ من مجموع الأدلة أن للإمام أحوالا، لأن الصلاة إما أن تكون مما يتطوع بعدها أو لا، الأول اختلف هل يتشاغل قبل التطوع بالذكر المأثور عليه الأكثر أو يبدأ بالتطوع وعليه الحنفية، وحجة الجمهور حديث معاوية: إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاتك حتى تتكلم أو تخرج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك، ويؤيده تقييده في الأخبار الصحيحة بدبر الصلاة، وزعم بعض الحنابلة أن المراد بدبر الصلاة ما قبل السلام، تعقب بحديث ذهب أهل الدثور، ففيه يسبحون دبر كل صلاة وهو بعد السلام جزما، فكذا ما شابهه، وأما الصلاة التي لا يتطوع بعدها، فيتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور ولا يتعين له مكان، بل إن شاءوا انصرفوا وذكروا، وإن شاءوا مكثوا وذكروا، وعلى الثاني إن كان الإمام عادة أن يعلمهم أو يعظهم، فيستحب أن يقبل عليهم جميعا، وإن كان لا يزيد على الذكر المأثور فهل يقبل عليهم جميعا، أو ينفتل فيجعل يمينه من قبل المأمومين ويساره من قبل القبلة ويدعو الثاني، هو الذي