للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هذه"؟. فقال: هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك، والناس لكم فيها تبع -اليهود والنصارى- ولكم فيها خير، فيها ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا أستجيب له، وهو عندنا يوم المزيد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا جبريل! وما يوم المزيد"؟. فقال: إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثيب من مسك، فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله ما شاء من ملائكته، وحوله منابر من نور


البيضاء كما يزين الخال الوجه الحسن، فشبه الوكتة بالخال. انتهى.
"فقال النبي صلى الله عليه وسلم" لجبريل: "ما هذه"؟. "فقال: هذه الجمعة فضلت" بضم الفاء مبني للمفعول، أي: ميزت "بها أنت وأمتك" بكثرة الخصال الحميدة التي أعدت لكم فيها، "والناس لكن فيها تبع اليهود والنصارى" بدل من الناس، المعنى أن لهما يومين بعد يوم الجمعة كما في الحديث الآتي: "فالناس لنا تبع اليهود غدا، والنصارى بعد غد". "ولكم فيها خير" عظيم كما يفيده التنون، "وفيها ساعة" خفيفة كما في مسلم وللشيخين، وأشار صلى الله عليه وسلم بيده يقللها، "لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له" خرج بالخير غيره فلا يستجاب، ولأحمد من حديث سعد بن عبادة: ما لم يسأل إثما أو قطيعة رحم، وهو نحو بخير والقطعية من الإثم، فهو خاص على عام اهتماما به، وفي تلك الساعة اثنان وأربعون قولا، أرجحها قولان، أحدهما ما في مسلم وأبي داود عن أبي موسى مرفوعا: "هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تنقضي الصلاة". والثاني أنها آخر ساعة في يوم الجمعة.
رواه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه هو وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال: على شرط الشيخين عن عبد الله بن سلام، ورواه أبو داود والنسائي والحاكم بإسناد حسن عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وابن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها آخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة". ورجح كلا جماعة، واختار صاحب الهدى أنها منحصرة في أحد الوقتين، وأن أحدهما لا يعارض الآخر، لاحتمال أنه صلى الله عليه وسلم دل على أحدهما في وقت، وعلى أحدهما في وقت آخر، وكذا قال ابن عبد البر الذي ينبغي الدعاء في الوقتين المذكورين، وسبقهما إلى نحو ذلك الإمام أحمد وهو أولى في طريق الجمع؛ وما عدا هذين القولين إما موافق لهما أو لأحدهما، أو ضعيف الإسناد، أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف كما بسطه في الفتح.
"وهو عندنا" معشر الملائكة "يوم المزيد" الذي يقع فيه مزيد الإكرام لنا ولكم، كما بينه بقوله: "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا جبريل وما يوم المزيد"؟. فقال: إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح"، أي: واسعا يقال: فاح الوادي فهو أفيح على غير قياس والقياس فائح "فيه كثيب" مفرد كثب بضم الكاف والمثلثة وهو التل، ونسخة الجمع تصحيف، فالذي في المسند بالإفراد "من مسك فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله ما شاء من ملائكته" تعظيما لليوم وزيادة في إكرام هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>