للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلانية لا ينوي به إلا وجه الله يكن له ذكرا في عاجل أمره، وذخرا فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم، وما كان مما سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمدا بعيدا، ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد، هو الذي صدق قوله وأنجز وعده لا خلف لذلك فإنه يقول: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: ٢٩] .

فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السر والعلانية، فإنه من يتق الله يكفر عنه سيئاه ويعظم له أجرا، ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما، وإن تقوى الله توقي مقته وتوقي عقوبته وسخطه، وإن تقوى الله تبيض الوجه وترضي الرب، وترفع الدرجة، فخذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله، فقد علمكم بكتابه ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين.

فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وسماكم المسلمين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من


أمره في السر والعلانية" الجهر، "لا ينوي به إلا وجه الله" بأن يخلص لله فيه سرا وجهرا "يكن له ذكرا في عاجل أمره، وذخرا فيما بعد الموت" في القبر ويوم القيامة "حين يفتقر" يحتاج "المرء إلى ما قدم" في الدنيا من الأعمال الصالحة، "وما كان مما سوى ذلك" وهو السوء "يود لو أن بينه وبينه أمدا بعيدا" غاية في نهاية البعد فلا يصل إليها "ويحذركم الله نفسه" إن غضب عليكم أو يحذركم عقابه "والله رءوف بالعباد" ومنه تحذيرهم "هو الذي صدق قوله وأنجز وعده لا خلف لذلك، فإنه يقول: {مَا يُبَدَّلُ} ". ما يغير " {الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ} " أي: بذي ظلم، {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} " {لِلْعَبِيدِ} " فأعذبهم بغير جرم، "فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله" بالمد خلاف العاجل "في السر والعلانية، فإنه من يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا، ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما" نال غاية مطلوبه، "وإن تقوى الله توقي" بضم الفوقية وفتح الواو وكسر القاف المشددة، أي: تدفع "مقته" وغضبه "وتوقي عقوبته وسخطه" أي: تحفظ المتقي من مخالفة أمره، "وإن تقوى الله تبيض الوجه" كما قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: ١٠٧] , "وترضي الرب وترفع الدرجة" عند الله تعالى وعند خلقه "فخذوا بحظكم" نصيبكم "ولا تفرطوا في جنب الله" أي: طاعته "فقد علمكم بكتابه ونهج لكم سبيله" أي: بين لكم طريقه الموصلة إليه، وهي الأحكام الشرعية. "ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين" أي: يظهره للخلق، "فأحسنوا" بالصدقة "كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه" الكفار "وجاهدوا في الله" لإقامة دينه "حق جهاده" باستفراغ الطاقة فيه، ونصب حق على المصدر

<<  <  ج: ص:  >  >>