للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "يا أيها الناس، إنكم لن تفعلوا أو لن تطيقوا كل ما أمرتكم به، ولكن سددوا وأبشروا". رواه أحمد وأبو داود.

وعن يعلى بن أمية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا} [الزخرف: ٧٧] . رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي الدرداء: قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال: "توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشتغلوا، وصلوا الذي بينكم


أي: قليلات اللفظ "طيبات مباركات" لكثرة معانيها وبلاغة ألفاظها، "ثم قال: يا "أيها الناس إنكم لن تفعلوا أو لن تطيقوا" شك الراوي "كل ما أمرتكم به" لعجزكم عنه، "ولكن سددوا" بمهملات، أي: لازموا الصواب من القول والفعل "وأبشروا" من الله بالقبول والثواب على ذلك، "رواه أحمد وأبو داود" وأبو يعلى وغيرهم، "وعن يعلى بن أمية" التميمي حليف قريش، "قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر، {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} اسم خازن النار، وقرئ: "يا مال" بكسر اللام على الترخيم وفيه إشعار بأنهم لضعفهم لا يستطيعون تأدية اللفظ بتمامه، ولله در من قال:
ما كان أغنى أهل نار جهنم ... عن قولهم يا مال وسط جحيم
عجزوا عن استكمال لفظة مالك ... فلأجل ذا نادوه بالترخيم
{لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} ليمتنا، قال المصنف في شرح مسلم: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فقط، وأنه قرأ السورة كلها. انتهى.
والثاني بعيد جدا، فإن قيل كيف نادوا مع قوله: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف: ٧٥] أي: ساكتون سكوت يأس، أجيب بأنها أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة، فتختلف بهم الأحوال، فيسكتون أوقاتا لغلبة اليأس عليهم، ويستغيثون أوقاتا لشدة ما بهم، "رواه البخاري" في موضعين من بدء الخلق، وفي التفسير "ومسلم" في الجمعة، "وعن أبي الدرداء، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، قال:" زاد في رواية جابر: "يا أيها الناس". "توبوا إلى الله" وإن كنتم من الكاملين قياما بحق العبودية وإعظاما للربوبية لا رغبة في الثواب ولا رهبة من العذاب، وفي رواية جابر: "توبوا إلى ربكم". "قبل أن تموتوا" والموت قد يأتي على غفلة، فالواجب تعجيل التوبة، "وبادروا" أي: سابقوا وعجلوا من المبادرة وهي الإسراع "بالأعمال الصالحة" النافعة عند الله "قبل أن تشتغلوا عنها" بنحو مرض وهموم، وللبيهقي عن أبي أمامة، رفعه: بادروا بالأعمال هرما ناغصا وموتا خالسا ومرضا حابسا وتسويفا مؤيسا "وصلوا" بكسر الصاد وضم اللام من الوصل "الذي بينكم وبين ربكم تسعدوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>