وفي أخرى: ما بي من ذلك، ولكني ظننت أنك أتيت بعض نسائك، "فقال" مجيبا لها عن خطأ، ظنها معلمها لها أنه لم يخرج من بيتها طالبا لشيء من شهوات الدنيا، وإنما هو لأمر جليل عظيم أخروي، "إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا" أي: القربى منا. قال ابن العربي: النزول راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته، فهو عبارة عن ملكه النازل بأمره ونهيه، فالنزول حسي صفة الملك المبعوث بذلك، أو معنوي بمعنى لم يفعل ثم فعل، فسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة، فهي عربية صحيحة، فحاصله أنه تأوله بوجهين إما أمره أو الملك أو استعارة بمعنى لطفه بالداعين وإجابتهم ونحو ذلك. وحكى الأول عن مالك وضعفه ابن عبد البر بأن أمره بما شاء من رحمته ونعمته ينزل بالليل والنهار بلا توقيت، ولو صح ذلك عن مالك لكان معناه أن الأغلب في الاستجابة ذلك الوقت، وقيل: غير ذلك ومذهب الأكثر تفويض معناه إلى الله مع اعتقاد صرفه عن ظاهره وهو أسلم، إذ التأويل المعين لا يجب كما قال البيهقي: "فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب" بفتح فسكون فموحدة. زاد في رواية البيهقي في الدعوات، قيل: وما غنم كلب، قال: قبيله لم يكن في العرب أكثر غنما منهم وكلب عدة قبائل باليمن وقضاعة وبني عامر وغيرهم، ولم يبين في الحديث أيها أراد. قال بعضهم: لكن الظاهر أنه أراد التي باليمن، لأنها الأشهر يومئذ، ودل قوله: أكثر على قوله في رواية أخرى: بعدد شعر غنم كلب، ليس المراد حصر المغفرة في عدد شعرها، بل هو كناية عن كثرة المغفرة، وأصرح منه حديث فيغفر لجميع خلقه إلا كذا وكذا، "رواه أحمد"