للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني إن كان ظهر ولي الله بلال قد ظهر فيه التعذيب بقده، فقد جوزي عدو الله أمية وقد قلبه ببدر، لأنه قتل يومئذ، وكان عبد الرحمن بن عوف قد أسره يومئذ وأراد استبقاء لأخوة كانت بينهما في الجاهلية، فرآه بلال معه فصاح بأعلى صوته يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا..................


المتصفين في الآيتين إن كان قميصه قد من قبل وإن كان قميصه قد من دبر، وجعل صفة بلال الصفة التي كان عليها نبي الله يوسف، والصفة المكروهة صفة الكافر أمية، فأضاف إلى كل ما يليق بحاله والتجانس بين قد وقد، وبين قلب عدو الله ومن قبل، وذكره للقلب دون غيره من أعضاء الجسد مبالغة في تقطيعه بالسيوف، أي: أنها وصلت إلى قلبه فقدته، والمقابلة بين ولي الله وعدو الله وظهر وقلب إذ القلب من أعضاء الباطن والظهر بخلافه، والإشارة بقوله: من دبر إلى أن تعذيبه، كانت صورته صورة من أتى من ورائه غيلة؛ لأنه عذب بعد أن بطح وألقي عليه الصخر، وعدو الله أتى من قبل وجهه لا غيلة ولا خديعة. "يعني: إن كان ظهر ولي الله بلال قد ظهر فيه التعذيب بقده فقد جوزي عدو الله أمية وقد قلبه ببدر؛ لأنه قتل يومئذ" وكان السيف وصل إلى قلبه فقده؛ كما مر؛ وأشار إلى أن حذف الفاء للضرورة؛ لأنه من المواضع التي يجب اقتران الجواب فيها بالفاء؛ لأن الشرط ماض مقرون بقد، وبه جزم الطرابلسي.
وقال أبو شامة: أو هو جواب قسم محذوف، فلا تلزم الفاء نحو: وإن أطعتموهم إنكم لمشركون لكن حذف لام القسم، أي: لقد قد، فجواب الشرط محذوف؛ لأنه إذا قدر القسم قبله يكون ما اجتمع فيه الشرط والقسم فيحذف جواب المتأخر منهما؛ قال: ويجوز أنه عبر بقد قلبه عن همه ووجعه وتألمه وجزعه بإخبار سعد بن معاذ إياه بمكة أن النبي صلى الله عليه وسلم يقتله، ففزع لذلك فزعًا شديدًا ولم يخرج لبدر إلا كرهًا؛ كما في الصحيح. أو عبر بقد قلبه عن انفلاقه وتقطعه حسرة وغيظًا لمشاهدته قتل صناديدهم يوم بدر، واختلال أمرهم وعلو كلمة الإسلام وأسره هو ثم قتله وعذاب بلال كان غير مشعر بشيء من ذلك فكأنه من وراء وراء. وعذاب أمية مباشرة مواجهة، فقال فيه من قبل، وفي بلال من دبر، وهذا معنى دقيق، انتهى.
"وكان عبد الرحمن بن عوف قد أسره يومئذ وأراد استبقاءه لأخوة كانت بينهما في الجاهلية، فرآه بلال معه فصاح بأعلى صوته" وكان حسنًا نديًا فصيحًا، وما يروى سين بلال عند الله شين، أنكره الحافظ المزي وغيره، "يا أنصار الله" خصهم لمزيد اعتنائهم بالنصرة ومعاهدتهم المصطفى عليها، وخشية أن المهاجرين لا يعينونه عليه إكرامًا لعبد الرحمن، "رأس الكفر" قال السيوطي وغيره بالنصب على الإغراء والرفع على حذف المبتدأ، أي: هذا "أمية بن خلف لا نجوت إن نجا" وفي البخاري عن عبد الرحمن فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>