وروى الطحاوي من طريق سالم، فذكره مريدًا معارضته لما قبله من الوصل، بأن ابنه سالمًا روى عنه الفصل، ويصرح بذلك قوله: ولم يعتذر الطحاوي إلى آخر ما يأتي عنه. نعم قد ينازع الحافظ في أن رواية بكر المزني أصرح في الوصل بأنه لا صراحة فيها أيضا، إذ هي محتملة له وللفصل، فبان من رواية نافع أن المراد الثاني على المتبادر منها كما بينا، وصرح به في رواية سالم فيحمل عليه؛ لأن الروايات يفسر بعضها بعضا. "وأخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعله وإسناده قوي". زاد الحافظ ولم يعتذر عنه الطحاوي إلا باحتمال أن المراد بقوله تسليمة، أي التسليمة التي في التشهد، ولا يخفى بعد هذا التأويل. انتهى، وصريحه أن الوتر واحدة، فتأويله بأن المعنى كان يفصل بين ما يصليه شفعا من الوتر وبين الركعة الواحدة منه ليوافق مذهب من قال: الثلاثة وتر، خلاف الظاهر المتبادر. وقد استدل بعضهم على فضل الفصل بأنه -صلى الله عليه وسلم- أمر به في حديث الموطأ والصحيحين: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى". وفي الصحيحين أيضا: فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة "وفعله" كما في حديث ابن عباس وعائشة عند الشيخين "وأما الوصل فورد من فعله فقط" لبيان الجواز "وقد حمل ابن المخالف من الحنفية كل ما ورد من الثلاث على الوصل مع أن كثيرًا من الأحاديث ظاهر في الفصل" فلا يصح هذا الحمل "كحديث عائشة" عند أبي داود ومحمد بن نصر بإسناد على شرط الشيخين: كان -صلى الله عليه وسلم- يصلي ما بين أن يفرغ من العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة