وعورض هذا بما رواه ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة: استأذن أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فأذن له، فخرج أبو بكر مهاجرا حتى إذا سار يوما أو يومين لقيه ابن الدغنة. الحديث، وسنده حسن أو صحيح، وبين برك الغماد وبين يوم أو يومين تباين كثير، وجمع بأنها لم تعن المكان المخصوص بل مكانا بعيدا، فإنها تقال فيما تباعد كسعفان وهجر وحوض الثعلب، أو أرادت حتى بلغ أقصى المعمور من مكة، فإن برك الغماد فسرت بذلك أو حديث الصحيح فيه زيادة، فيؤخذ بها. "ورجع في جوار سيد القارة" بقاف وراء خفيفة قبيلة مشهورة من بني الهون بضم الهاء والتخفيف، ابن خزيمة من مدركة بن إلياس بن مضر، وكانوا حلفاء بني زهرة من قريش ويضرب بهم المثل في قوة الرمي، قال الشاعر: قد أنصف القارة من راماها "ابن الدغنة" قال في النور: لا أعلم له إسلاما، "بفتح الدال المهملة وكسر الغين المعجمة وتخفيف النون" كما نسبه الحافظ للرواة، وقال: قال الأصيلي: قرأه لنا المروزي بفتح الغين والصواب الكسر. "وبضم الدال والغين وتشديد النون" عند أهل اللغة وبه رواه أبو ذر في الصحيح، ولذا قال النووي: روي بهما في الصحيح، وفي الفتح: ثبت بالتخفيف والتشديد من طريق وهي أمه، وقيل أم أبيه، وقيل: دايته، وقيل: لاسترخاء كان في لسانه، ومعنى الدغنة المسترخية وأصلها الغمامة الكثيرة المطر، واختلف في اسمه: فعند البلاذري من طريق الواقدي عن معمر عن الزهري أنه الحارث بن يزيد حكى السهيلي أنه مالك، وقول الكرماني سماه ابن إسحاق ربيعة بن ربيع وهم، فالذي ذكره ابن إسحاق شخص غير هذا سلمي، وهذا من القارة وأيضا إنما ذكره في غزوة حنين وأنه صحابي ولم يذكر في قصة الهجرة وكان رجوعه بطلب ابن الدغنة، ففي الصحيح خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة، فقال: أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في