قال الحافظ: ولم يقع لي بيان المدة التي أقام فيها أبو بكر على ذلك، "وابتنى" لفظ عائشة: ثم بدا لأبي بكر فابتنى "مسجدا بفناء داره" بكسر الفاء وخفة النون والمد، أي: أمامها، "وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن" أي: ما نزل منه كله أو بعضه، "فيتقصف" بتحتية ففوقية فقاف فصاد مهملة ثقيلة مفتوحتين، أي: يزدحم "عليه نساء المشركين وأبناؤهم" حتى يسقط بعضهم على بعض فيكاد ينكسر، قال الحافظ: وأطلق يتقصف مبالغة، يعني لأنهم لم يصلوا إلى هذه الحالة. وفي رواية المستملي والمروزي: ينقذف بتحتية مفتوحة فنون ساكنة فقاف مفتوحة فذال معجمة مكسورة ففاء. قال الخطابي: ولا معنى له والمحفوظ الأول، إلا أن يكون من القذف أي يتدافعون فيقذف بعضهم بعضا بعضا فيتساقطون عليه فيرجع إلى معنى الأول، وفي رواية الكشميهني والجرجاني: فينقصف بنون ساكنة بدل الفوقية وكسر الصاد أي: يسقط، "ويعجبون منه وكان أبو بكر رجلا بكاء" بشد الكاف: كثير البكاء، "لا يملك عينيه" قال الحافظ: أي لا يطيق إمساكهما عن البكاء من رقة قلبه "إذا قرأ القرآن" إذا ظرفية والعامل فيه لا يملك أو شرطية والجزاء مقدر، "فأفزع ذلك" أي: أخاف ما فعله أبو بكر "أشراف قريش من المشركين" لما يعلمونه من رقة قلوب النساء والشباب أن يميلوا إلى الإسلام. قال في الرواية: فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم، "فقالوا" إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن بالصلاة