للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منى ثلاثة أيام، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه"، رواه الترمذي.

وفي رواية جابر عند أبي داود قال -صلى الله عليه وسلم- بعرفة: "وقفت ههنا وعرفة كلها موقف وههنا أنزل علي {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} " [المائدة: ٣] الآية كما


قال الطيبي: تعريفه للجنس وخبره معرفة، فيفيد الحصر نحو ذلك الكتاب. انتهى.
وعند أبي داود: "الحج الحج يوم عرفة"، وفي رواية له: "الحج يوم عرفة".
قال الولي: أي: الحج هو الحج الكائن يوم عرفة وهو الوقوف بها، فأطلق اسم الحج على أحد أركانه؛ لأنه معظمها أو لإبطال اعتقاد قريش، ومن دان بدينها أن ليس من أركان الحج؛ لأنهم كانوا يقفون بالمزدلفة كما مر، فيوم عرفة منصوب على أنه مفعول الحج الثاني، وعلى الرواية التي لم يكرر فيها لفظ الحج الظاهر؛ أن يوم عرفة مرفوع "من جاء ليلة جمع" بفتح فسكون، أي: المزدلفة وهي ليلة العيد، أي: من أدرك الوقوف ليلة النحر " قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج" ومفهومه: أن من لم يدرك ذلك فاته الحج فهو حجة لمالك، ومن وافقه أن الوقوف يوم عرفة ليس الركن، فإذا وقف به دون جزء من ليلة جمع فاته الحج، لكن في السنن وصححه الحاكم مرفوعا: "من أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه"، ولذا قال الأكثر: مبدأ الوقوف من زوال يوم عرفة ومنتهاه طلوع فجر العيد، فأي جزء وقف فيه أدرك الحج "أيام مني ثلاثة أيام" بعد يوم النحر "فمن تعجل" النفر "في يومين فلا إثم عليه" في تعجيله، وسقط عنه مبيت الليلة الثالثة ورمى اليوم الثالث "ومن تأخر" عن النفر في الثاني حتى نفر في الثالث "فلا إثم عليه" في تأخيره بل هو أفضل، فالتخيير وقع هنا بين الفاضل والأفضل، فإن قيل: الآثم المتعجل فما بال المتأخر، أجيب بأن المتعجل لا إثم عليه في استعمال الرخصة ومن تأخر وترك الرخصة فلا إثم عليه في ترك استعمالها "رواه الترمذي" وأبو داود والنسائي وابن ماجه، كلهم عن عبد الرحمن بن يعمر بفتح التحتية والميم الديلي بكسر المهملة وإسكان التحتية صحابي نزل الكوفة.
"وفي رواية جابر عند أبي داود" ومسلم، كلاهما مختصر بعد ذكر حديث جابر بطوله في حجة الوداع عن جابر "قال -صلى الله عليه وسلم" قد نحرت ههنا ومنى كلها منحر وموقف "بعرفة" فقال: "وقفت ههنا وعرفة كلها موقف" ووقفت هنا وجمع كلها موقف، وفي هذا بيان شفقته -صلى الله عليه وسلم- بأمته ورفقه بهم وتنبيه لهم على مصالح دينهم ودنياهم، فذكر لهم الأكمل وهو موضع وقوفه ونحره، والجائز وهو جزء من أجزاء منى وعرفة والمزدلفة "وههنا" أي: وهو واقف بعرفة "أنزل علي" بشد ياء المتكلم -صلى الله عليه وسلم {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] بالنصر

<<  <  ج: ص:  >  >>