للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فهذا تصريح باللسان واعتقاد بالجنان غير أنه لم يذعن. انتهى.

وحكي عن هشام بن السائب الكلبي، أو أبيه أنه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، جمع إليه وجوه قريش، فأوصاهم فقال:

يا معشر قريش، أنتم صفوة الله من خلقه.............


"قال" القرافي: "فهذا تصريح باللسان واعتقاد بالجنان غير أنه لم يذعن" وحبه للمصطفى كان طبيعيا فكان يحوطه وينصره لا شرعيا فسبق القدر فيه، واستمر على كفره ولله الحجة البالغة "انتهى" والأربعة حكاها ابن الأثير في النهاية وكذا البغوي، وهي كفر إنكار وهو أن لا يعرف الله بقلبه ولا يعترف باللسان، وكفر جحود وهو من عرفه بقلبه دون لسانه كإبليس واليهود، وكفر نفاق وهو المقتر باللسان دون القلب، وكفر عناد وهو أن يعرفه بقلبه ويعترف بلسانه ولا يدين به كأبي طالب، قال البغوي: وجميع الأربعة سواء في أن الله لا يغفر لأصحابها إذا ماتوا، انتهى. وأقبحها على الراجح كفر النفاق لجمعه بين الكفر والاستهزاء بالإسلام؛ لذا كان المنافقون في الدرك الأسفل من النار، وقيل: أقبحها الكفر ظاهرا وباطنا، وقيل: الكفر صنفان، أحدهما الكفر بأصل الإيمان وهو ضده، والآخر الكفر بفرع من فروع الإسلام فلا يخرج به عن أصل الإسلام، وبهذا صدر في النهاية وقابله بقوله: وقيل الكفر على أربعة أنحاء، فذكرها.
"وحكى عن هشام بن السائب" نسبه لجده لأنه ابن محمد بن السائب "الكلبي" أبي المنذر الكوفي وثقه ابن حبان، وقال الدارقطني: هشام رافضي ليس بثقة مات سنة أربع وثمانين ومائة، "أو أبيه" محمد شك، "أنه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جمع إليه وجوه قريش" وروى ابن إسحق عن ابن عباس: لما اشتكى أبو طالب وبلغ قريشا ثقله، قال بعضها لبعض: إن حمزة وعمر قد أسلما وفشا أمر محمد، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب يأخذ لنا على ابن أخيه ويعطه منا، فمشى إليه عتبة وشبية وأبو جهل وأمية وابن حرب في رجال من أشرافهم فأخبروه بما جاءوا له، فبعث أبو طالب إليه -صلى الله عليه وسلم- فجاءه فأخبره بمرادهم، فقال عليه الصلاة والسلام: "نعم كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم"، فقال أبو جهل: نعم وأبيك، وعشر كلمات، فعرض عليهم الإسلام فصفقوا وعجبوا ثم قالوا: ما هو بمعطيكم شيئا، ثم تفرقوا، فيحتمل أن أبا طالب جمعهم بعد ذلك، أو قال لهم ما حكى الكلبي في هذه المرة قبل عرض الإسلام أو بعده وقبل تفرقهم.
"فأوصاهم، فقال: يا معشر قريش، أنتم صفوة الله من خلقه" وقلب العرب، فيكم السيد المطاع وفيكم المقدم الشجاع والواسع الباع، واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه، ولا شرفا إلا أدركتموه، فلكم بذلك على الناس الفضلة ولهم به إليكم الوسيلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>