للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقطع حباله, وحصل له ما غيبه عن حَسِّه، حتى خَرَّ لوجهه.

فتأثير السماع محسوس، ومن لم يحركه فهو فاسد المزاج، بعيد العلاج، زائد في غلظ الطبع وكثافته على الجمال. وإذا كانت هذه البهائم تتأثَّر بالنغمات، فتأثير النفوس النفسانية أَوْلى. وقد قال:

نعم لولاك ما ذكر العقيق ... ولا جابت له الفلوات نوق

نعم أسعى إليك على جفوني ... تداني الحي أو بعد الطريق

إذا كانت تحنّ لك المطايا ... فماذا يفعل النصب المشوق

فزبدة السماع تلطيف السر، ومن ثَمَّ وضع العارف الكبير سيدي علي الوفوي حزبه المشهور على الألحان والأوزان اللطيفة، تنشيطًا لقلوب المريدين وترويحًا لأسرار السالكين، فإن النفوس -كما قدمناه- لها حظ من الألحان، فإذا قيلت هذه الواردات السنية الفائضة من الموارد النبوية المحمَّدية بهذه الأنغام الفائقة والأوزان الرائقة، بشربتها العروق، وأخذ كل عضو نصيبه من ذلك المدد الوفوي المحمدي، فأثمرت شجرة خطاب الأزل بما سقيته من موارد هذه اللطائف


حباله" المربوط بها, "وحصل له ما" أي: شيء "غيِّبَه عن حسِّه حتى خرَّ" أي: سقط "لوجهه" أي: عليه, "فتأثير السماع محسوس" مشاهد بحاسة البصر, "ومن لم يحركه فهو فاسد المزاج" بكسر الميم- الطبع, "بعيد العلاج" معنى أنه لا ينفع فيه بسهولة, "زائد في غلظ الطبع وكثافته" بمثلثة- عطف مساوٍ حسَّنه اختلاف اللفظ, "على الجمال" الموصوفة بالبلادة, "وإذا كانت هذه البهائم تتأثّر بالنغمات، فتأثير النفوس النفسانية أَوْلَى", وأنشد المصنّف لغيره.
نعم لولاك ما ذكر العقيق ... ولا جابت له الفلوات نوق
نعم أسعى إليك على جفوني ... تدانى الحي أو بعد الطريق
إذا كانت تحن لك المطايا ... فماذا يفعل الصب المشوق
"فزبدة السماع تلطيف السر" أي: ترقيقه, "ومن ثَمَّ وضع العارف الكبير سيدي علي" بن العارف الكبير سيدي محمد "الوفوي, حِزْبَه المشهور على الألحان والأوزان اللطيفة تنشيطًا لقلوب المريدين وترويحًا" بالحاء المهملة "لأسرار السالكين، فإن النفوس -كما قدمناه- لها حظ" نصيب "من الألحان، فإذا قيلت" أي: ذكرت "هذه الواردات السنية الفائضة من الموارد النبوية المحمدية" صفات للحزب الشريف "بهذه الأنغام الفائقة والأوزان الرائقة بشربتها العروق, وأخذ كل عضو نصيبه من ذلك المدد الوفوي المحمدي فأثمرت شجرة"

<<  <  ج: ص:  >  >>