للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من النبوة. لما ناله من قريش بعد موت أبي طالب. وكان معه زيد بن حارثة.

فأقام به شهرا، يدعو أشارف ثقيف إلى الله فلم يجيبوه وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه.


من النبوة" هذا على موتها في رجب، لا على ما جزم به أنه في رمضان، وعادة العلماء أنهم إذا مشوا في محل على قول وفي آخر على غيره، لا يعد تناقضا.
"لما ناله" صلة خرج واللام للتعليل، أي: خرج للأذى الذي ناله "من قريش بعد موت أبي طالب وكان معه زيد بن حارثة" فيما رواه ابن سعد عن جبير بن مطعم، وذكر ابن عقبة وابن إسحاق وغيرهما أن خرج وحده ماشيا، فيمكن أن زيدا لحقه بعد ولا يؤيده ما يأتي أنه صار يقيه بنفسه، ولم يحك فيه خلافا كما زعم؛ لأن الآتي إنما هو كلام ابن سعد وحده الذي روى أنه كان معه، "فأقام به شهرا" وقال ابن سعد: عشرة أيام، وجمع في أسنى المطالب بأن العشرة في نفس الطائف العشرين فيما حولها وطريقها وأقرب منه؛ كما قال شيخنا: إن الشهر كله في الطائف، لكنه مكث عشرين قبل اجتماعه بعبد ياليل وعشرة بعده؛ لأنه لم يرجع عقب دعائه بل مكث "يدعو أشراف ثقيف إلى الله" ويدور عليهم واحدا واحدا رجاء أن أحدا يجيبه "فلم يجيبوه" لا إلى الإسلام ولا إلى النصرة والمعاونة.
وعند ابن إسحاق والواقدي وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم عمد إلى عبد ياليل ومسعود وحبيب بني عمرو بن عوف وهم أشراف ثقيف وساداتهم، وعند أحدهم صفية بنيت معمر القرشي الجمحي فجلس إليهم وكلمهم بما جاء له من نصرته على الإسلام والقيام على من خالفه من قومه، فقال له أحدهم: هو يمرط ثياب الكعبة: إن كان الله أرسلك، والثاني: أما وجد الله أحدا يرسله غيرك، والثالث: والله لا أكلمك أبدا لئن كنت رسول الله، لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك، فقال صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خيرهم، وقال: "إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا علي"، وكره أن يبلغ قومه عنه ذلك فيزيدهم عليه، فلم يفعلوا، وقد أسلم مسعود وحببيب بعد ذلك وصحبا؛ كما جزم به في الإصابة.
وفي عبد ياليل خلف يأتي فيحتمل أن المصنف أراد بأشرافهم هؤلاء الثلاثة، وكأنه لم يعتد بغيرهم أو لأنه دعاهم أولا لكونهم العظماء ثم عمم الدعوة. ففي رواية: إنه لم يترك أحدا من أشرافهم إلا جاء إليه وكلمه فلم يجيبوه وخافوا على أحداهم منه، فقالوا: يا محمد اخرج من بلدنا، والحق بمحابك من الأرض.
"وأغروا" بفتح الهمزة: سلطوا، "به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه" زاد ابن إسحاق: ويصيحون

<<  <  ج: ص:  >  >>