للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت -وأنا مهموم- على وجهي، فلم أستفق مما أنا فيه إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، وإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك، وما ردوا به عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وأنا ملك الجبال، وقد بعثني إليك ربك لتأمرني بأمرك، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين............"


"فلم يجبني إلى ما أردت" منه من النصرة والمعاونة والإسلام "فانطلقت وأنا مهموم على وجهي" قال المصنف: أي الجهة المواجهة لي. وقال الطيبي: أي انطلقت حيرانا هائما لا أدري أين أتوجه من شدة ذلك، "فلم أستفق" أي: أرجع "مما أنا فيه" من الغم "إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي وإذا أنا بسحابة قد أطلتني فنظرت" إليها "فإذا فيها جبريل" على غير صورته الأصلية، لما مر أنه لم يره عليها إلا بغار حراء وعند سدرة المنتهى، "فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك" لك، كما في الصحيحين فسقط من قلم المؤلف، والأحسن أنه يعني بقومه قريشا وغيرهم لا خصوص ثقيف؛ لأنهم وإن كانوا قومه؛ لأنه بعث إليهم كغيرهم، لكنهم ليسوا بمكة والأخشبان حيطان بها، "وما ردوا به عليك" ظاهر في إنه إخبار عما قاله أشراف ثقيف، ويحتمل أنه أراد قريشا لما دعاهم للإيمان، فقالوا ساحر شاعر كاهن مجنون، وغير ذلك.
"وقد بعث إليك" وفي رواية الكشميهني: وقد بعث الله إليك "ملك الجبال" الذي سخرت له وبيده أمرها، قال الحافظ: لم أقف على اسمه، "لتأمره بما شئت" فيهم، قال صلى الله علي وسلم: "فناداني ملك الجبال فسلم علي، ثم قال: يا محمد! إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وأنا ملك الجبال وقد بعثني إليك ربك لتأمرني بأمرك" هذا لفظ مسلم، زاد الطبري: فما شئت، ولفظ البخاري: ثم قال: يا محمد! ذلك فيما شئت، قال المصنف: ذلك كما قال جبريل، أو كما سمعت منه فيما، ولأبي ذر عن الكشميهني: مما شئت، استفهام جزاؤه مقدر، أي: فعلت، وعزا المصنف لفظه هنا في شرح البخاري للطبراني مع أنه لفظ مسلم كما علمت؛ لأنه كما في الفتح أخرجه من طريق شيخ البخاري فيه: "إن شئت أن أطبق" بضم الهمزة وسكون الطاء وكسر الموحدة، "عليهم الأخشبين" بمعجمتين جبلي مكة: أبا قبيس ومقابله قعيقعان؛ كما جزم به المصنف وغيره، وبه صدر البرهان.
وفي الفتح: وكأنه قعيقعان. وقال الصغاني: بل هو الجبل الأحمر المشرف وجهه على قعيقعان، انتهى. وجرى ابن الأثير على الثاني. وقول الكرماني: ثور وهموه، سميا بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>