للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أطلق بعض المالكية، وهو أبو عمران الفاسي، كما ذكره في المدخل عن تهذيب الطالب لعبد الحق، أنها واجبة، قال: ولعله أراد وجوب السنن المؤكدة.

وقال القاضي عياض: إنها سنة من سنن المسلمين مجمَع عليها، وفضيلة مرغَّب فيها.

وروى الدارقطني من حديث ابن عمر -رضي الله عنه: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: "من زار قبري وجبت له شفاعتي"، ورواه عبد الحق في أحكامه الوسطى، وفي الصغرى, وسكت عنه, وسكوته عن الحديث فيهما دليل على صحته.


"وقد أطلق بعض المالكية وهو أبو عمران" موسى بن عيسى الفقيه "الفاسي" بالفاء إلى فاس بالمغرب "كما ذكره في المدخل عن تهذيب الطالب لعبد الحق أنها" أي: الزيارة "واجبة، قال: ولعله أراد وجوب السنن المؤكدة", طلبها بحيث أشبهت الواجب، وقد صرَّح الجمال الأفقهسي في شرح الرسالة بأنها سنة مؤكدة.
"وقال القاضي عياض" في الشفاء: "إنها سنة من سنن المسلمين مجمع عليها" أي: على كونها سنة مأثورة "وفضيلة مرغَّب فيها" بصيغة المفعول مشدَّد، أي: رغَّب السلف فيها وحثّوا عليها.
"وروى الدارقطني" وأبو الشيخ وابن أبي الدنيا، كلهم "من حديث ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من زار قبري وجبت" أي: تحقَّقت وثبتت، فلا بُدَّ منها بالوعد الصادق, وليس بالمراد الوجوب الشرعي.
وروي: حلت "له شفاعتي" أي: أخصه بشفاعة ليست لغيره لا عمومًا ولا خصوصًا تناسب عظيم عمله، إمَّا بزيادة نعيم أو تخفيف هول ذلك اليوم عنه، أو دخول الجنة بلا حساب، أو رفع درجاته بها، أو بزيادة شهود الحق والنظر إليه, أو بغير ذلك، أو المراد أنَّ الزائر يفرد بشفاعة عمَّا يحصل لغيره، ويكون إفراده تشريفًا وتنويهًا بسبب الزيارة، أو المراد ببركة الزيارة يجب دخول الزائر في عموم من تناله الشفاعة، وفائدته البشرى بموته على الإسلام, وإضافة الشفاعة له لإفادة أنها عظيمة؛ إذ هي تعظم بعظم الشافع ولا أعظم منه -عليه الصلاة والسلام, ولا أعظم من شفاعته كما قاله السبكي وغيره.
"ورواه عبد الحق في أحكامه الوسطى، وفي الصغرى، وسكت عنه" أي: التكلّم في سنده بالقدح "وسكوته عن الديث فيهما" أي: الوسطى والصغرى "دليل على صحته", أراد

<<  <  ج: ص:  >  >>