للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل له حديث ابن عباس عند أحمد قال: كان الجن يستمعون الوحي فيسمعون الكلمة فيزيدون فيها عشرا، فيكون ما سمعوه حقا وما زادوه باطلا، وكانت النجوم لا يرمى بها قبل ذلك، فلما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أحدهم لا يأتي مقعده إلا رمي بشهاب يحرق ما أصاب منه، فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هذا إلا من أمر قد حدث، فبعث جنوده فإذا هم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي بين جبلي نخلة فأخبروه فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض.

ورواه النسائي وصححه الترمذي.


كلام ابن إسحاق ليس صريحا في أولية قدوم بعضهم، قال: والذي يظهر من سياق الحديث الذي فيه المبالغة في رمي الشهب لحراسة السماء من استراق الجن السمع دال على أن ذلك عند المبعث النبوي وإنزال الوحي إلى الأرض، فكشفوا عن ذلك إلى أن وقفوا على السبب، ولذا لم يقيد البخاري الترجمة بقدوم ولا وفادة أي وإنما، قال باب ذكر الجن: لما انتشرت الدعوة وأسلم من أسلم، قدموا فسمعوا فأسلموا، وكان ذلك بين الهجرتين ثم تعدد مجيئهم حتى في المدينة، انتهى.
ونقله الشامي عن ابن كثير نفسه أيضا. "ويدل له حديث ابن عباس عند أحمد، قال: كان الجن يستمعون الوحي" هو ما كانت تسمعه الملائكة مما ينزل الأرض، فيتكلمون به، "فيسمعون الكلمة فيزيدون فيها عشرا فيكون ما سمعوه حقا، وما زادوه باطلا، وكانت النجوم لا يرمى بها قبل ذلك" البعث النوي "فلما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أحدهم لا يأتي مقعده إلا رمي بشهاب يحرق ما أصابه منه" ولا يشكل هذا بما مر أن السماء حرست بمولده -صلى الله عليه وسلم- لجواز أنه بقي لهم بعض قدرة على الاستماع كاللص، فلما بعث زال ذلك، بل قال السهيلي: إنه بقي منه بقايا يسيرة بدليل وجوده نادرا في بعض الأزمنة وبعض البلاد. وقال البيضاوي: لعل المراد منعهم من كثرة وقوعه.
"فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هذا إلا من أمر قد حدث فبث جنوده" في الأرض، وفي الصحيحين: فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فمن النفر جماعة أخذوا نحو تهامة "فإذا هم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي بين جبلي نخلة فأخبروه" أي: إبليس، "فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض، ورواه النسائي وصححه الترمذي" ورواه الشيخان بنحوه، ولم يعزه لهما لزيادة فيما ذكر على روايتهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>