للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وخروجه علي السلام إلى الطائف كان بعد موت عمه.

وروى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود قال: هبطوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا، فأنزل الله عز وجل: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} الآية [الأحقاف: ٢٩] .

فهذا مع حديث ابن عباس يقتضي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يشعر بحضورهم في هذه المرة، وإنما استمعوا قراءته ثم رجعوا إلى قومهم، ثم بعد ذلك وفدوا إليه أرسالا، قوما بعد قوم وفوجا بعد فوج.


"قال" ابن كثير "وخروجه عليه السلام إلى الطائف كان بعد موت عمه" أبي طالب الواقع في السنة العاشرة من النبوة، والاستماع كان عقب البعثة، فلا يصح ما في ابن إسحاق وقد علم جوابه، "وروى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود، قال:" إن الجن "هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن" وفي نسخة: وهو يقرأ الجن، أي: سورة الجن، لكن الأولى هي المعزوة في لباب النقول لابن أبي شيبة "ببطن نخلة فلما سمعوه، قالوا: أنصتوا" حذف من رواية ابن أبي شيبة بعد قوله: أنصتوا، قالوا: صه، وكانوا تسعة أحدهم زوبعة، "فأنزل الله عز وجل: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: ٢٩] الآية"، يريد جنسها، فلفظ ابن أبي شيبة فأنزل الله: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: ٢٩] إلى قوله: {ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأحقاف: ٣٢] ، وقولهم من بعد موسى، قيل: لأنهم كانوا يهودا وفي الجن ملل كالإنس، وقيل: لم يسمعوا بعيسى واستبعد، وقيل: لأنهم كانوا يعلمون بشارة موسى به وكأنهم قالوا هذا الذي بشر به موسى ومن بعده.
"فهذا" أي: حديث ابن مسعود، "مع حديث ابن عباس" الذي قبله "يقتضي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يشعر بحضورهم في هذه المرة، وإنما استمعوا قراءته ثم رجعوا إلى قومهم" وبهذا جزم الدمياطي، فقال: فلما انصرف من الطائف راجعا إلى مكة ونزل نخلة قام يصلي من الليل فصرف إليه نفر سبعة من أهل نصيبين، فاستمعوا إليه وهو يقرأ سورة الجن ولم يشعر بهم حتى نزل عليه: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْك} [الأحقاف: ٢٩] ، انتهى. وبه تعقب قول من قال: لما وصل في رجوعه إلى نخلة جاءه الجن وعرضوا إسلامهم عليه. "ثم بعد ذلك وفدوا إليه أرسالا" بفتح الهمزة وأبدل منه قوله: "قوما بعد قوم وفوجا" أي: جماعة جمعه فؤوج وأفواج وجمع الجمح أفاوج وأفاويج؛ كما في القاموس.
"بعد فوج" كما تفيده الأحاديث العديدة، ففي حديث أنهم كانوا على ستين راحلة وآخر

<<  <  ج: ص:  >  >>