للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عداها، فلا يرد شيء مما جاء في فضلها، ولا ما بمكة من مواضع النسك لتعلقه بها، ولذا قال عمر لعبد الله بن عياش المخزومي: أنت القائل: لمكة خير من المدينة؟ فقال عبد الله: هي حرم الله وأمنه وفيها بيته، فقال عمر: لا أقول في حرم الله وبيته شيئًا، ثم كرر عمر قوله الأول، فأعاد عبد الله جوابه، فأعاد له: لا أقول في حرم الله وبيته شيئًا، فأشير إلى عبد الله فانصرف.

وقد عوضت المدينة عن العمرة، ما صحَّ في إتيان مسجد قباء، وعن الحج ما جاء في فضل الزيارة النبوية والمسجد، والإقامة بعد النبوة بالمدينة, وإن كانت أقل من الإقامة مكة على القول به، فقد كانت سببًا لإعزاز الدين وإظهاره، ونزول أكثر


الشريف, فهي أفضل من بقية المدينة اتفاقًا كما في كلام السمهودي, "ولا ما بمكة من مواضع النسك لتعلقه بها".
"ولذا قال عمر لعبد الله بن عياش" بتحتية وشين معجمة- ابن أبي ربيعة, القرشي المخزومي, وأبوه قديم الإسلام, وهاجر إلى الحبشة، فولد له عبد الله هذا بها, وأدرك من حياته -صلى الله عليه وسلم- ثمان سنين, وحفظ عنه.
وروى عن عمر وغيره, ومات سنة أربع وستين: "أنت القائل: لمكة" بفتح اللام للتأكيد, "خير" أي: أفضل "من المدينة, فقال عبد الله: هي حرم الله وأمنه, وفيها بيته" الكعبة، وما أضيف لله خير مما أضيف لرسوله, "فقال عمر: لا أقول في حرم الله وبيته شيئًا" يعني: إنه ليس من محلّ الخلاف ولم أسألك عنه، وإنما سألتك عن البلدين, "ثم كرّر عمر: "لينظر هل تغيّر اجتهاده إلى موافقة عمر في تفضيل المدينة, "قوله الأول: أنت" القائل..... إلخ.
"فأعاد عبد الله جوابه": هي حرم الله..... إلخ, فأعاد له عمر" قوله: "لا أقول في حرم الله وبيته شيئًا" وما تغيّر اجتهاد واحد منهما لموافقة الآخر، والقصة رواها مالك في الموطأ مطوَّلة عن أسلم مولى عمر، وفيها أنهم كانوا بطريق مكة, ولكن قال في آخرها: ثم انصرف ولم يقل, "فأشير إلى عبد الله فانصرف، وقد عوضت المدينة عن العمرة ما صحَّ في إتيان مسد قباء والمسجد" النبوي، وفي الحجج المبينة عن أبي أمامة مرفوعًا: "من خرج على طهر لا يريد إلا الصلاة في مسجدي هذا, حتى يصلي فيه, كان بمنزلة حجة". انتهى.
"والإقامة بعد النبوة بالمدينة وإن كانت أقلّ من الإقامة بمكة" بثلاث سنين, "على القول به", وهو الصحيح, "فقد كانت سببًا لإعزاز الدين وإظهاره, ونزول أكثر الفرائض" إذ لم يفرض

<<  <  ج: ص:  >  >>