للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقامة بها، وحثَّ هو -صلى الله عليه وسلم- على الاقتداء به في سكناها والموت بها، فكيف لا تكون أفضل.

قال: وأمَّا مزيد المضاعفة، فأسباب التفضيل لا تنحصر في ذلك، فالصلوات الخمس بمنى للمتوجه لعرفة أفضل منها بمسجد مكة، وإن انتفت عنها المضاعفة؛ إذ في الاتباع ما يربو عليها، ومذهبنا: شمول المضاعفة للنَّفل مع تفضيله بالمنزل، ولهذا قال عمر -رضي الله عنه- بمزيد المضاعفة لمسجد مكة، مع قوله بتفضيل المدينة، ولم يصب من أخذ من قوله بمزيد المضاعفة: تفضيل مكة؛ إذ غايته أن للمفضول مزية ليست للفاضل، مع أن دعاءه -صلى الله عليه وسلم- بمزيد تضعيف البركة بالمدينة على مكة شامل للأمور الدينية أيضًا, وقد يبارك في العدد القليل فيربو على الكثير، ولهذا استدلّ به على تفضيل المدينة.

وإن أريد من حديث المضاعفة الكعبة فقط، فالجواب: إن الكلام فيما


ولهذا افترض الله تعالى على نبيه -صلى الله عليه وسلم- الإقامة بها" حيًّا وميتًا, "وحثَّ هو -صلى الله عليه وسلم- على الاقتداء به في سكناها والموت بها، فكيف لا تكون أفضل" من مكة.
"قال" السمهودي: "وأما مزيد" أي: زيادة "المضاعفة، فأسباب التفضيل لا تنحصر في ذلك" أي: مزيد المضاعفة, "فالصلوات الخمس بمنى للمتوجِّه لعرفة أفضل منها" أي: من صلاتها "بمسجد مكة, وإن انتفت عنها المضاعفة؛ إذ في الاتباع" لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم؛ حيث صلَّاها بمنى, "ما يربو" يزيد عليها, أي: المضاعفة, "ومذهبنا" أي: الشافعية "شمول المضاعفة للنقل", وبه قال مطرف صاحب مالك, "مع تفضيله بالمنزل" مع أنه لا مضاعة فيه, "ولهذا قال عمر" بن الخطاب "بمزيد المضاعفة لمسجد مكة" على مسجد المدينة, "مع قوله" أي: عمر "بتفضيل المدينة" ومسجدها على مكة ومسجدها؛ لأن التفضيل لم ينحصل في المضاعفة "ولم يصب من أخذ من قوله" أي: عمر "بمزيد المضاعفة" أنه يرى "تفضيل مكة؛ إذ غايته أن للمفضول" مسجد مكة "مزية ليست للفاضل" مسجد المدينة, والمزية لا تقتضي الأفضلية, "مع أن دعاءه -صلى الله عليه وسلم- بمزيد تضعيف البركة بالمدينة على مكة شامل للأمور الدينية أيضًا"؛ إذ لا وجه لتخصيصه بالدنيوية, "و" لا يرد مزيد التضعيف؛ لأنه "قد يبارك في العدد القليل فيربو" يزيد نفعه على العدد "الكثير، ولهذا استدلّ به على تفضيل المدينة"؛ إذ لو لم يكن كذلك ما صحَّ الاستدلال, "وإن أريد من حديث المضاعفة الكعبة" نائب فاعل أريد "فقط".
"فالجواب أنَّ الكلام فيما عداها, فلا يرد شيء مما جاء في فضلها", فإنها تلي القبر

<<  <  ج: ص:  >  >>