للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدرجات العاليات, وتحميده بالشفاعة والمقام المحمود، المغبوط عليه من الأولين والآخرين، وانفراده بالسؤدد في مجمع جامع الأنبياء والمرسلين، وترقيه في جنة عدن أرقى مدارج السعادة، وتعاليه يوم المزيد في أعلى معالي الحسنى وزيادة.

اعلم أن الله تعالى كما فضّل نبينا -صلى الله عليه وسلم- في البدء, بأن جعله أول الأنبياء في الخلق، وأوّلهم في الإجابة في عالم الذر، يوم {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} ، فضَّ له, كما ختم كمال الفضائل في العود، فجعله أوّل من تنشق عنه الأرض، وأوّل شافع, وأول مشفَّع، وأوّل من يؤذن له بالسجود، وأول من ينظر إلى رب العالمين، والخلق محجوبون عن رؤيته إذ ذاك، وأوّل الأنبياء يقضي بين أمته، وأولهم إجازة على الصراط بأمته، وأوّل داخل إلى الجنة، وأمته أوّل الأمم دخولًا إليها.

وزاده من لطائف التحف ونفائس الطرف ما لا يجد ولا يعد:


فعيلة, وهي التمام والفضيلة، يقال: لفلان مزية، أي: فضيلة يمتاز بها عن غيره, "وعلى الدرجات" أي: الفضائل والرتب العلية, "وتحميده" أي: حمد الخلائق له "بالشفاعة" في فصل القضاء, "والمقام المحمود" الذي يقوم فيه للشفاعة, "المغبوط" بغين معجمة- أي: المستحسن حاله "عليه من الأولين والآخرين, وانفراده بالسؤدد" بضم السين فهمزة ساكنة فدال مضمومة- المجد والشرف, "في مجمع" محل جامع الأنبياء والمرسلين، وترقيه" علوه "في جنة عدن" إقامةً, "أرقى" أعلى, "مدارج السعادة وتعاليه" ارتفاعه, فهو بمعنى ترقيه حسنه اختلاف اللفظ, "يوم المزيد" هو يوم المعة في الجنة كما مَرَّ, "أعلى معالي الحسنى" الجنة "وزيادة النظر" إلى الله.
"اعلم أن الله تعالى كما فَضَّل نبينا -صلى الله عليه وسلم- في البدء" الابتداء "بأن جعله أوّل الأنبياء في الخلق", كما ورد عنه وقد تقدَّم, "وأولهم في الإجابة في عالم الذر" بنعمان, "يوم" عرفة, يوم أشهدهم على أنفسهم "أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ" قالوا: بلى، كان أوَّل من قال بلى, نبينا -صلى الله عليه وسلم, "فض" بفاء وضاد معجمة- أي: فتح, "له كما ختم كمال الفضائل في العود، فجعله أوّل من تنشق عنه الأرض" أي: أوّل من تعاد فيه الروح يوم القيامة ويظهر, "وأوّل شافع" فلا يتقدَّم عليه ملك ولا نبي, "وأول مشفَّع" بشدة الفاء مفتوحة- مقبول الشفاعة, "وأوَّل من يؤذن له بالسجود" فيسجد تحت العرش للشفاعة, "وأول من ينظر لرب العالمين, والخلق محجوبون عن رؤيته إذ ذاك" حتى يراه قبلهم, "وأوَّل الأنبياء يقضي بين أمته, وأولهم إجازة" أي: قطعًا "على الصراط بأمته، وأوّل داخل إلى الجنة، وأمته أول الأمم دخولًا إليها" بعد دخول جميع الأنبياء، فالأنبياء لهم دخولان: دخول خاصّ قبل جميع الأمم، ودخول عام مع أممهم, "وزاده" عطف على فضله, "من

<<  <  ج: ص:  >  >>