للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينشق عنه القبر وأوّل شافع وأوّل مشفّع".

وفي حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي -آدم فمن سواه- إلا تحت لوائي، وأنا أوّل من تنشق عنه الأرض ولا فخر....." رواه الترمذي.

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أنا أول من تنشق عنه الأرض, ثم أبو


الناس، فتظهر سيادته لكل أحد عيانًا، فلا ينافي أنَّ سيادته ثابتة في الدنيا، فهو نحو قوله: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات: ١١] وأطلق في الوصف بذلك لإفادة العموم لأولي العزم وغيرهم، وتخصيص ولد آدم ليس للاحتراز؛ إذ هو أفضل حتى من خواص الملائكة إجماعًا, "وأنا أوّل من ينشق عنه القبر" أي: يعجل إحياءه مبالغةً في إكرامه, وتخصيصًا بجزيل إنعامه, "وأنا أوّل شافع" للخلائق لا يتقدمه شافع, لا بشر ولا ملك في جميع أقسام الشفاعات, "وأول مشفَّع" بشد الفاء المفتوحة- أي: مقبول الشفاعة، ولم يكتف بشافع؛ لأنه قد يشفع ثانٍ فيشفع قبل الأول.
وأما حديث ابن مسعود عند أحمد والنسائي والحاكم: "يشفع نبيكم رابع أربعة: جبريل ثم إبراهيم ثم موسى أو عيسى ثم نبيكم، لا يشفع أحد في أكثر مما يشفع فيه"، فقد ضعَّفه البخاري، فلا يعارض حديث مسلم.
"وفي حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر" أي: أقول ذلك شكرًا لا فخرًا، فهو نحو قول سليمان -عليه السلام: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} أي: لا أقوله تكبرًا وتعاظمًا على الناس, وإن كان فيه فخر الدارين، وقيل: لا أفتخر بذلك، بل فخري بمن أعطاني هذه الفضائل, "وبيدي لواء الحمد" , يأتي بيانه للمصنف "ولا فخر" لا عظمة ولا مباهاة, "وما من نبي يومئذ -آدم فمن سواه" أي: دونه, "إلا تحت لوائي" قال الطيبي: آدم فمن سواه, اعتراض بين النفي والاستثناء، أفاد أن آدم بالرفع بدلًا أو بيانًا من محله, ومن فيه موصولة، وسواه صلته، وصحَّ لأنه ظرف, وآثر الفاء التفصيلية في, فمن لترتيب على منوال الأمثل فالأمثل, "وأنا أوّل من تنشقّ عنه الأرض".
وفي رواية: من تنشق الأرض عن جمجمتي, "ولا فخر" حال مؤكّدة، أي: أقول هذا ولا فخر، بل شكرًا وتحدثًا بالنعمة, وإعلامًا للأمَّة؛ لأنه مما يجب تبليغ؛ ليعتقدوا فضله على من سواه.
وبقيه هذا الحديث عند رواته: "وأنا أوّل شافع وأوّل مشفَّع ولا فخر"، وكان الأولى للمصنف لمن لا يتركها لإفادة أنه جاء عن صحابي آخر ولزيادة ولا فخر.
"رواه الترمذي" في المناقب: وقال حسن صحيح، وكذا رواه ابن ماجه وأحمد, "وعن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أنا أوّل من تنشق عنه الأرض، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم آتي

<<  <  ج: ص:  >  >>