قال الحافظ: ويردّه، أي: احتمال عياض صريحًا قوله في رواية: "إن الناس يصعقون فأصعق معهم، فأكون أول من يفيق"، قال: ويؤيده أنه عبَّر بقوله: أفاق؛ لأنه إنما يقال: أفاق من الغشي: بعث من الموت، ولذا عبَّر عن صعقة الطور بالإفاقة؛ لأنها لم تكن موتًا بلا شك، وإذا تقرَّر ذلك ظهر صحة الحمل على أنها غشية تحصل للناس في الموقف، هذا محصّل كلامه وتعقبه انتهى. وسبق للمصنف في الخصائص الجواب عن التعارض بقوله: الظاهر أنه -عليه السلام- لم يكن عنده علم ذلك، أي: كونه أوّل من ينشقّ عنه القبر حتى أعلمه الله تعالى فأخبر بذلك. انتهى. فإخباره بذلك يفيد أنه علم بإفاقته قبل موسى، فحينئذ يبقى التردد في أنه ممن استثنى الله أو جوزي بصعقة الطور, "ووقع في رواية أبي سلمة" ابن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة, "عن ابن مردويه" مرفوعًا: "أنا أوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة, فأقوم فأنفض التراب عن رأسي, فآتي" بالمد فعل المتكلم، أي: أجيء "قائمة العرش, فأجد موسى قائمًا عندها, فلا أدري أنفض التراب عن رأسه قبلي؟ أو كان ممن استثنى الله". قال الحافظ: يحتمل أن قوله: "أنفض التراب قبلي" تجويز لسبقه في الخروج من القبر, أو هو كناية عن الخروج منه, وعلى كل ففيه فضيلة لموسى. انتهى. ومعلوم أنه لا يلزم من فضيلته من هذه الجهة أفضليته مطلقًا, وبه صرَّح في المفهم، فقال: وهذه فضيلة عظيمة في حقه، ولكن لا توجب أفضليته على نبينا -صلى الله عليه وسلم؛ لأن الشيء الجزئي لا يوجب أمرًا كليًّا. انتهى. "وقد اختلف في المستثنى من هو على عشرة أقوال" ذكر منها خمسة "فقيل: الملائكة" كلهم على ظاهر هذا القول, وقيل: الأنبياء، وبه قال البيهقي في تأويل الحديث" المذكور, "في تجويزه بأن يكون موسى ممن استثنى الله", فإذا جوز ذلك في موسى فبقية