"فعرض -صلى الله عليه وسلم- نفسه على قبائل العرب" بأمر الله تعالى؛ كما في حديث علي الآتي، "كما كان يصنع في كل موسم" ذكر الواقدي أنه -صلى الله عليه وسلم- مكث ثلاث سنين مستخفيا، ثم أعلن في الرابعة فدعا الناس إلى الإسلام عشر سنين يوافي المواسم كل عام يتبع الحاج في منازلهم بعكاظ ومجنة وذي المجاز، يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه، فلا يجد أحدا ينصره ولا يجيبه حتى إنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة فيردون عليه أقبح الرد ويؤذونه، ويقولون: قومك أعلم بك، فكان ممن سمي لنا من تلك القبائل بنو عامر بن صعصعة ومحارب وفزارة وغسان ومرة وحنيفة وسليم وعبس وبنو نصر والبكاء وكندة وكعب والحارث بن كعب وعذرة والحضارمة، وذكر نحوه ابن إسحاق بأسانيد متفرقة. وقال موسى بن عقبة عن الزهري: كان قبل الهجرة يعرض نفسه على القبائل ويكلم كل شريف قوم لا يسألهم إلا أن يؤوه ويمنعوه، ويقول: "لا أكره أحد منكم بل أريد أن تمنعوا من يؤذيني حتى أبلغ رسالات ربي"، فلا يقبله أحد بل يقولون: قوم الرجل أعلم به، وأخرج أحمد والبيهقي وصححه ابن حبان عن ربيعة بن عباد بكسر المهملة وخفة الموحدة، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوق ذي المجاز يتبع الناس في منازلهم يدعوهم إلى الله تعالى. وروى أحمد وأصحاب السنن وصححه الحاكم، عن جابر: كان -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس بالموسم، فيقول: "هل من رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي"، فأتاه رجل من همدان فأجابه ثم خشي أن لا يتبعه قومه فجاء إليه، فقال: آتي قومي فأخبرهم ثم أتيك من العام المقبل، فانطلق الرجل وجاء وفد الأنصار في رجب. وأخرج الحاكم وأبو نعيم والبيهقي بإسناد حسن عن ابن عباس: حدثني علي بن أبي طالب، قال: لما أمر الله نبيه أن يعرض نفسه على قبائل العرب، خرج وأنا معه وأبو بكر إلى منى حتى دفعنا إلى مجلس من مجالس العرب، وتقدم أبو بكر وكان نسابة، فقال: من القوم؟ قالوا: