للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعفو الله، ودخول الجنة برحمة الله، واقتسام المنازل والدرجات بالأعمال، ويدل له حديث أبي هريرة: "إن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم" رواه الترمذي.

قال ابن بطال: مجمل الآية على أنَّ الجنة تنال المنازل فيها بالأعمال، فإن درجات الجنة متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال، ومحل الحديث على دخول الجنة والخلود فيها, ثم أورد على هذا الجواب قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: ٣٢] فصرَّح بأن دخول الجنة أيضًا بالأعمال. وأجاب بأنه لفظ مجمل بينه الحديث، والتقدير: ادخلوا منازل الجنة وقصورها بما كنتم تعملون، وليس المراد بذلك أصل الدخول.

ثم قال: ويجوز أن يكون الحديث مفسرًا للآية على وجه آخر، والتقدير: ادخلوها بما كنتم تعملون مع رحمة الله لكم وتفضله عليكم؛ لأن اقتسام منازل الجنة برحمة الله، وكذا أصل دخول الجنة برحمته؛ حيث ألهم العاملين ما نالوا به ذلك، ولا يخلو


جمعًا بين الآية والحديث، وأيده في البدور بما رواه هنا، وفي الزهد عن ابن مسعود، قال: تجوزون الصراط بعفو الله, وتدخلون الجنة برحمة الله, وتقتسمون المنازل بأعمالكم.
"ويدل له" أي: لهذا الذي قالوه "حديث أبي هريرة" عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أهل الجنة إذا دخلوها" برحمة الله "نزلوا فيها" المنازل "بفضل" أي: زيادة "أعمالهم".
"رواه الترمذي" وابن ماجه في مبدأ حديث طويل, "قال ابن بطال: مجمل الآية على أنَّ الجنة تنال المنازل فيها بالأعمال، فإن درجات الجنة متفاوتة" في العلوِّ "بحسب تفاوت الأعمال, ومحمل الحديث على دخول الجنة والخلود فيها" فلا تعارض بينهما, "ثم أورد على هذا الجواب قوله تعالى" في سورة النحل: يقولون {سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فصرَّح بأن دخول الجنة أيضًا بالأعمال، وأجاب بأنه لفظ مجمل بينه الحديث، والتقدير: ادخلوا منازل الجنة وقصورها بما كنتم تعملون" ففيه تقدير مضاف بدليل الحديث, "وليس المراد بذلك أصل الدخول" فلا تعارض بينهما, "ثم قال" ابن بطال: "ويجوز أن يكون الحديث مفسرًا للآية على وجه آخر"؛ إذ ما قبله تفسير لها أيضًا؛ إذ لولاه ما جاز تقدير المضاف، "والتقدير: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون مع رحمة الله لكم وتفضله عليكم" على طريقة الاكتفاء أو حذف الصفة؛ لأن اقتسام منازل الجنة برحمة الله، وكذا أصل دخول الجنة برحمته، حيث ألهم العاملين ما نالوا به ذلك" المذكور، ولا يخلو شيء من مجازاته

<<  <  ج: ص:  >  >>