للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث بأسًا. كذا نقله ابن القيم في "حادي الأرواح".

وذكره البغوي في "معالم التنزيل" بلفظ: نزلت -يعني: الآية- في ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وكان شديد الحبِّ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، قليل الصبر عنه, فأتاه ذات يوم، وقد تغيِّر لونه، يعرف الحزن في وجهه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ما غَيِّرَ لونك"؟ فقال: يا رسول الله، ما بي وجع ولا مرض، غير أني إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة, فأخاف أن لا أراك؛ لأنك ترفع مع النبيين، وإني إن دخلت الجنة في منزلة أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل الجنة لا أراك أبدًا. فنزلت هذه الآية.


الحديث بأسًا" أي: إن رواته مقبولون لم يجرَّح أحد منهم.
"كذا نقله ابن القيم في حادي الأرواح" إلى ديار الأفراح, "وذكره البغوي" محيي السنة الحسين بن مسعود، أحد الحفاظ, "في معالم التنزيل" اسم تفسيره بلا عزوٍ "بلفظ: نزلت -يعني: الآية- في ثوبان" بفتح المثلثة والموحدة- ابن بجدد -بضم الموحدة وسكون الجيم وضم الدال المهملة الأولى, "مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم", قال في الإصابة: يقال: إنه من العرب, من حكم بن سعد بن حمير، وقيل: من السراة، اشتراه ثم أعتقه, فخدمه إلى أن مات، ثم تحوّل إلى الرملة, ثمَّ إلى حمص، ومات بها سنة أربع وخمسين.
روى ابن السَّكَن عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- دعا لأهله، فقلت: أنا من أهل البيت، فقال في الثالثة: "نعم, ما لم تقم على باب سدة, أو تأت أميرًا فتسأله"، ولأبي داود عن أبي العالية، عن ثوبان, قال -صلى الله عليه وسلم: "من يتكفل إليّ أن لا يسأل الناس أتكفل له بالجنة"، فقال ثوبان: أنا، وكان لا يسأل أحدًا شيئًا، تقدَّم ذكره في الموالي النبوية, "وكان شديد الحب" بضم الحاء- المحبَّة، أما بكسرها فالمحبوب, "لرسول الله -صلى الله عليه وسلم, قليل الصبر عنه" ولذا لازمه حضرًا وسفرًا, "فأتاه ذات يوم وقد تغيِّر لونه".
وعند الثعلبي: تغيِّر وجهه ونحل جسمه, "يعرف الحزن في وجهه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ما غيِّرَ لونك؟ " فقال: يا رسول الله, ما بي وجع" أي: مرض مؤلم, "ولا مرض مطلق علة، ويقع الوجع أيضًا على كل مرض، لكن لا يرد هنا ليحصل التغاير, "غير أني إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة" أي: حصل لي انقطاع وبعد قلب وعدم استئناس "حتى ألقاك" فتزول وحشتي, "ثم ذكرت الآخرة" أي: فكَّرت في أمرها, "فأخاف أن لا أراك؛ لأنك ترفع مع النبيين" في أعلى الدرجات, "وإني إن دخلت الجنة" أكون "في منزلة أدنى من منزلتك" فتقل رؤيتي لك؛ بدليل قوله: "وإن لم أدخل الجنة لا أراك أبدًا. فنزلت هذه الآية".

<<  <  ج: ص:  >  >>