للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس، أن رجلًا قال: يا رسول الله, متى الساعة؟ قال: "وما أعددت لها؟ " قال: لا شيء, إلّا أني أحب الله ورسوله، قال: "أنت مع من أحببت"، قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم: "أنت مع من أحببت"، قال أنس: فأنا أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر, وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم.


"وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس، أن رجلًا" قال الحافظ: هو ذو الخويصرة اليماني, الذي بال في المسجد، وحديثه بذلك مخرَّج عند الدارقطني، ومن زعم أنه أبو موسى أو أبو ذر فقد وَهِمَ، فإنهما وإن اشتركا في معنى الجواب وهو المرء مع مَنْ أحب، فقد اختلف سؤالهما، فإن كلًّا من أبي موسى وأبي ذر إنما سأل عن الرجل يحب القوم ولم يلحق بهم.
هذا. "قال: يا رسول الله, متى الساعة؟ " زاد في رواية: قائمة -بالرفع- خبر الساعة، فمتى ظرف متعلق به, والنصب حال من الضمير المستكن في متى؛ إذ هو على هذا التقدير خبر الساعة, فهو ظرف مستقر.
وفي رواية لمسلم: متى تقوم الساعة؟ ولما احتمل السؤال التعنّت والخوف من الله, امتحنه النبي -صلى الله عليه وسلم؛ حيث "قال: "وما أعددت لها" هكذا في رواية للشيخين.
وفي رواية لهما أيضًا: ويحك, وما أعددت لها؟ قال الطيبي: سلك مع السائل طريق الأسلوب الحكيم؛ لأنه سأله عن وقت الساعة وأيَّان إرساؤها، فقيل له: فيم أنت من ذكراها، وإنما يهمك أن تهتم بأهبتها, وتعتني بما ينفعك عند إرسائها من العقائد الحقَّة والأعمال الصالحة المرضية، فأجاب حيث "قال: لا شيء".
وفي رواية للبخاري، قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولمسلم: ما أعددت لها من كثير عمل أحمد عليه نفسي، وكثير بمثلثة, "إلّا أني أحب الله ورسوله" يحتمل الاتصال والانقطاع، قاله الكرماني.
وفي رواية في الصحيح أيضًا: ولكني أحب الله ورسوله, "قال: "أنت" وفي رواية: إنك "مع من أحببت" أي: ملحق بهم, وداخل في زمرتهم, لما امتحنه وظهر له من جوابه صدق إيمانه ألحقه بمن ذكر, "قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم: "أنت مع مَنْ أحببت".
وفي رواية في الصحيح أيضًا: فقلنا: ونحن كذلك، قال -صلى الله عليه وسلم: "نعم" ففرحنا يومئذ فرحًا شديدًا، وفي أخرى. فلم أر المسلمين فرحوا فرحًا أشد منه، وفي أخرى: فما فرح المسلمون بشيء بعد الإسلام ما فرحوا به, "قال أنس: فأنا أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر, وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم" والحديث متواتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>