"وفي الحديث الإلهي" المنسوب لله تعالى, مما تلقاه النبي -صلى الله عليه وسلم- بلا واسطة, أو بواسطة, احتمالان في جميع الأحاديث الإلهية, وليس لها حكم القرآن، فيمسها المحدِثُ وتبطل الصلاة بقراءتها فيها، وغير ذلك, "الذي رواه حذيفة" بن اليمان, عن النبي -صلى الله عليه وسلم "كما عند الطبراني بسند غريب" لفظ الفتح حسن غريب مختصر. انتهى. فأوله قوله "أنه تعالى قال: "ما تقرَّب إليَّ عبدي" بإضافة التشريف "بمثل أداء ما افترضت عليه" أي: تأديته لا المقابل للقضاء فقط، قال الحافظ: ظاهرة الاختصاص بما ابتدأ الله فرضه، وفي دخول ما أوجبه المكلّف على نفسه نظرًا للتقييد بقوله: "افترضت عليه" لا أن أخذ من جهة المعنى الأعمّ، ويستفاد منه أنَّ أداء الفرض أحبَّ الأعمال إلى الله، قال الطوفي: الأمر بالفرائض جازم, ويقع بتركها المعاقبة, بلاف النقل في الأمرين وإن اشترك مع الفرائض في تحصيل الثواب، فكانت الفرائض أحبَّ إلى الله تعالى وأشد تقربًا, "ولا". هكذا رواية الطبراني عن حذيفة بلفظ: ولا، وللبخاري من حديث أبي هريرة بلفظ: وما "يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل" من صلاة وصيام وغيرهما "حتى أحبه" بضم أوَّله، أي: أرضى عنه, والتقرُّب طلب القرب. قال أبو القاسم القشيري: قرب العبد من ربه يقع أولًا بإيمانه ثم بإحسانه، وقرب الرب من عبده ما يخصه به في الدنيا من عرفانه, وفي الآخرة من رضوانه, وفيما بين ذلك من وجوه لطفه وامتنانه، وقرب الرب بالعلم والقدرة عامّ للناس, وباللطف والنصرة خاص بالخواص, وبالتأنيس خاص بالأولياء. وفي حديث أبي أمامة عند الطبراني والبيهقي: "يتحبَّب إليَّ" بدل يتقرَّب، واستشكل كون النوافل تنتج محبة الله؛ لأنه تعالى جعلها مرتبة على كثرتها, ولا تنتجها الفرائض؛ لأنه جعلها أحب الأشياء إليه, ولم يذكر سبب الأحبية، فلم يرتب المحبة على الفرائض. وأحيب، بأنَّ المراد النوافل إذا كانت مع الفرائض مشتملة عليها, أو مكملة لها لا مطلقًا، فإنما أنتجت المحبة من حيث الاشتمال والتكميل, وبأن الإتيان بالنوافل بمحض المحبَّة لا لخوف عقاب على الترك، فأنتجت محبة الله لكونها لا في مقابلة شيء، بخلاف الفرائض، ففعلها مانع