"ثم عمرو بن الحطاب" أمير المؤمنين تقدم قول ابن مسعود: كان إسلام عمر عزا وهجرته نصرا وأمارته رحمة، وأخرج ابن عساكر وابن السمان في الموافقة عن علي، قال: ما علمت أن أحدا من المهاجرين هاجر إلا مختفيا، إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وأنفض بدنة، أي: أخرج أسهما من كنانته وجعلها في يديه معدة للرمي بها، واختصر عترته، أي: حملها مضمومة إلى خاصرته، ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها فطاف بالبيت سبعا ثم أتى المقام فصلى ركعتين، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، فقال لهم: شاهت الوجوه لا يرغم الله إلا هذه المغاطس، من أراد أن تثلكه أمه أو يؤتم ولده أو ترمل زوجته فيلقني وراء هذا الوادي، فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم إليه، ثم مضى لوجهه. "وأخوه زيد" بن الخطاب أسن من عمر وأسلم قبله وشهد بدرا والمشاهد، واستشهد باليمامة وراية المسلمين بيده سنة اثنتي عشرة، وحزن عليه عمر شديدا، وقال: سبقني إلى الحسنيين أسلم قبلي واستشهد قبلي. "وعياش" بفتح المهملة وشد التحتية وشين معجمة "ابن أبي ربيعة" واسمه عمرو، ويلقب ذا الرمحين بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن محزوم القرشي المخزومي من السابقين الأولين وهاجر الهجرتين، ثم خدعه أبو جهل إلى أن رجع من المدينة إلى مكة فحبسوه، فكان -صلى الله عليه وسلم- يدعو له في القنوت؛ كما في الصحيحين. وقول العسكري: شهد بدرا غلطوه، مات بالشام سنة خمس عشرة، وقيل: استشهد باليمامة، وقيل: باليرموك "في عشرين راكبا" كما في الصحيح عن البراء، وسمى ابن إسحاق منهم زيا وعياشا المذكورين وعمرا وعبد الله ابني سراقة بن المعتمر العدوي، وخنيس بن حذافة السهمي، وسعيد بن زيد، وواقد بن عبد الله، وخولي بن أبي خولي، ومالك بن أبي خولي، واسم أبي خولي عمرو بن زهير وبنو البكير أربعتهم إياس وعاقل وعامر وخالد، وزاد ابن عائذ في مغازيه: الزبير، قال في الفتح: فلعل بقية العشرين كانوا من أتباعهم. "فقدموا المدينة فنزلوا" على رفاعة بن عبد المنذر بن زنبر بقباء؛ كما قاله ابن إسحاق وهو بيان قوله تبعا لأبي عمر، "في العوالي" جمع عالية، قال السمهودي: وهي ما كان في جهة قبلتها من قباء وغيرها على ميل فأكثر لما قالوه في السنح بضم المهملة وسكون النون وتضم وحاء مهملة أنه بالعوالي على ميل من المسجد النبوي، وهو أدناه وأقصاها عمارة ثلاثة أميال أو