للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم خرج عثمان بن عفان، حتى لم يبق معه -صلى الله عليه وسلم- إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر. كذا قال ابن إسحاق، قال مغلطاي وفيه نظر لما يأتي بعده.

وكان الصديق كثيرا ما يستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الهجرة فيقول: لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا، فيطمع أبو بكر أن يكون هو.


أربعة وأقصاها مطلقا ثمانية أميال أو ستة.
"ثم خرج عثمان بن عفان" ذو النورين أمير المؤمنين وتتابع الناس بعده، "حتى لم يبق معه -صلى الله عليه وسلم- إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر" الصديق؛ "كذا قال ابن إسحاق" وغيره "قال مغلطاي: وفيه نظر، لما يأتي بعده" في كلام ملغطاي من أنه لما رأى ذلك، أي: هجرة الجماعة من كان بمكة يطيق الخروج خرجوا، فطلبهم أبو سفيان وغيره فردوهم وسجنوهم، فافتتن منهم ناس، ولما ذكر ابن هشام وغيره أن صهيبا لما أراد الهجرة، قال له الكفار: أتينا صعلوكا حقيرا فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك!! والله لا يكون ذلك، فقال صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي؟ قالوا: نعم، قال: فإني جعلت لكم مالي، فتركوه فسار حتى قدم المدينة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فقال له: "ربح بيعك ثلاثا"، والجواب: أن المعنى لم يبق ممن قدر على الخروج، وقد عبر اليعمري وغيره بلفظ: لم يتخلف معه أحد من المهاجرين إلا من حبس بمكة أو افتتن إلا علي وأبو بكر، قال البرهان الحلبي: هذا صحيح لا اعتراض عليه.
"وكان الصديق كثيرا ما يستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الهجرة" إلى المدينة بعد أن رد على ابن الدغنة جواره؛ كما في حديث عائشة في البخاري، قالت: وتجهز أبو بكر قبل المدينة، ولابن حبان عنها: استأذن أبو بكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخروج من مكة، "فيقول: "لا تعجل، لعل الله أن يجعل لك صاحبا"، فيطمع أبو بكر أن يكون هو" وعند البخاري: فقال: له -صلى الله عليه وسلم: "على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي" فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك؟ بأبي أنت وأمي، قال: "نعم"، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر، ورسلك بكسر الراء والرسل السير الرفيق.
وفي رواية ابن حبان: فقال: "اصبر"، ولفظ أنت مبتدأ خبره بأبي، ويحتمل أنه تأكيد لفاعل ترجو، وبأبي قسم، وحبس نفسه منعها. وفي رواية ابن حبان: فانتظره أبو بكر؛ والسمر بفتح المهملة وضم الميم، وقوله: وهو الخبط مدرج من تفسير الزهري، وفي قوله: أربعة أشهر بيان المدة التي كانت بين ابتداء هجرة الصحابة بين العقبة الأولى والثانية، وبين هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>