"ثم اجتمع قريش" قال ابن إسحاق: لما رأوا هجرة الصحابة وعرفوا أنه صار له أصحاب من غيرهم فحذروا خروجه وعرفوا أنه أجمع لحربهم، فاجتمعوا "ومعهم إبليس في صورة شيخ نجدي" وذلك أنه وقف على باب الدار في هيئة شيخ جليل عليه بت، بفتح الموحدة وشد الفوقية، قيل: كساء غليظ أو طيلسان من خز، قال في النور: والظاهر أنه فعل ذلك تعظيما لنفسه، فقالوا: من الشيخ؟ قال: من نجد، سمع بالذي اتعدتم له فحضر ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم رأيا ونصحا، قالوا: ادخل، فدخل "في دار الندوة" بفتح النون والواو بينهما مهملة ساكنة ثم تاء تأنيث "دار قصي بن كلاب" قال ابن الكلبي: وهي أول دار بنيت بمكة. وحكى الأزرقي: أنها سميت بذلك لاجتماع الندى فيها يتشاورون، والندى الجماعة ينتدون، أي: يتحدثون، فلما حج معاوية اشتراها من الزبير العبدري بمائة ألف درهم ثم صارت كلها بالمسجد الحرام، وهي في جانبه الشمالي. وقال الماوردي: صارت بعد قصي لولده عبد الدار فاشتراها معاوية عن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وجعلها دار الإمارة. وقال السهيلي: صارت بعد بني عبد الدار إلى حكيم بن حزام فباعها في الإسلام بمائة ألف درهم زمن معاوية فلامه، وقال: أبعت مكرمة آبائك وشرفهم، فقال حكيم: ذهبت والله المكارم إلا التقوى، والله لقد اشتريتها في الجاهلية بزق خمر، وقد بعتها بمائة ألف وأشهدكم أن ثمنها في سبيل الله، فأينا المغبون، ذكر ذلك الدارقطني في رجال الموطأ، انتهى. "وكان قريش لا تقضي أمرا إلا فيها" قيل: وكانوا لا يدخلون فيها غير قرشي إلا إن بلغ أربعين سنة بخلاف القرشي، وقد أدخلوا أبا جهل ولم تتكامل لحيته واجتمعوا يوم السبت ولذا ورد يوم السبت يوم مكر وخديعة، "يتشاورون فيما يصنعون في أمره عليه الصلاة والسلام" وكانوا مائة رجل كما في المولد لابن دحية، وزعم بن دريد في الوشاح أنهم كانوا خمسة عشر رجلا، فقال أبو البختري بفتح الموحد وسكون المعجمة وفتح الفوقية فراء فياء كياء النسب، ابن هشام المقتول كافرا ببدر: احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء قبله، فقال النجدي: ما هذا برأي، والله لو حبستموه ليخرجن أمره من وراء