للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من قوله -صلى الله عليه وسلم- حين خرج من مكة، لما وقف على الحزورة، ونظر إلى البيت: "والله إنك لأحب أرض الله إلي، وإنك لأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت".

وهذا من أصح ما يحتج به في تفضيل مكة على المدينة.


وفي معجم: ما استعجم أنه منها على ميلين وارتفاعه نحو ميل وفي أعلى الغار الذي دخله النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وهو المذكور في القرآن، والبحر يرى من أعلى هذا الجبل وفيه من كل نبات الحجاز وشجره، وفيه شجر البان. وفي القاموس: ثور جبل بمكة فيه الغار المذكور في التنزيل، ويقال له ثور أطحل واسم الجبل أطحل نزله ثور بن عبد مناف فنسب له، انتهى.
فقول النور: إنه كالثور الذي يحرث عليه، أي: في النطق ولم أر فيه أنه سمي به لأنه على صورة الثور كما تصرف عليه من زعمه، ثم فصل المؤلف بين أجزاء حديث الصحيح بجمل وسيعود إلى بقية منه، أولها: وكان يبيت عندهما عبد الله.. إلخ، فقال: "وكان من قوله -صلى الله عليه وسلم- حين خرج من مكة لما وقف على الحزورة" بفتح المهملة فزاي ساكنة فواو فراء، سوق كان بمكة أدخلت في المسجد، وعن الشافعي: الناس يشددونها وهي مخففة، "ونظر إلى البيت "والله إنك" بكسر الكاف خطاب لمكة "لأحب أرض الله إلي وإنك لأحب أرض الله إلى الله" من خطف العلة على المعلول، "ولولا أن أهلك أخرجوني" تسببوا في إخراجي، "ما خرجت منك" أخرجه أحمد والترمذي وصححه عن عبد الله بن عدي، بلفظ: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الحزورة، فقال: "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت".
وروى الترمذي أيضا، وقال: حسن صحيح عن ابن عباس رفعه: "ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك"، و"وهذا من أصح ما يحتج به في تفضيل مكة على المدينة" وجوابه أن التفضيل إنما يكون بين شيئين يأتي بينهما تفضيل وفضل المدينة لم يكن حصل حتى يكون هذا حجة، ولو سلم ففي الحجج البينة هو مؤول بأنه قبل أن يعلم تفضيل المدينة أو بأنها خير الأرض ما عدا المدينة؛ كما قاله ابن العربي، وهو أحد التأويلين في قوله عليه السلام لمن قال له: "يا خير البرية، ذاك إبراهيم"، ومعارض بما في البخاري عن عائشة رفعته: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد"، ونحن نقطع بإجابة دعائه -صلى الله عليه وسلم- فقد كانت أحب إليه من مكة.
وفي الصحيحين مرفوعا: "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة"، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>