وفي رواية: فقال لهم القائف: هذا القدم قدم ابن أبي قحافة، وهذا الآخر لا أعرفه إلا أنه يشبه القدم الذي في المقام -يعني مقام إبراهيم- فقالت قريش: ما وراء هذا شيء ولا يشكل هذا بما روي أنه عليه السلام كان يمشي على أطراف أصابعه لئلا يظهر أثرهما على الأرض، ويقول لأبي بكر: "ضع قدمك موضع قدمي، فإن الرمل لا يتم"، بفتح أوله وضم النون وكسرها، أي: لا يظهر أثر القدم حتى تضع قدمك موضع قدمي لجواز أنهما لما قربا من الغار مشيا ووضع المصطفى جميع قدمه فلما وصل القائف وجد أثر القدمين فأخبر بما رأى. "وشق على قريش خروجه وجزعوا" بكسر الزاي لم يصبروا، "لذلك وجعلوا مائة ناقة لمن رده" عن سيره ذلك بقتل أو أسر، فلا ينافي ما في الصحيح: جعلوا الدية لمن قتله أو أسره. "ولله در الشيخ شرف الدين" محمد بن سعيد بن حماد الدلاصي المولد المغربي الأصل البوصيري المنشأ ولد بناحية دلاص يوم الثلاثاء أول شوال سنة ثمان وستمائة، وبرع في النظم، قال فيه الحافظ ابن سيد الناس: هو أحسن من الجزار والوراق مات سنة خمس وتسعين وستمائة، ذكره السيوطي وقوله: "الأبوصيري" فيه نظر؛ لأن اسم القرى وهي أربعة بمصر بوصير بضم الموحدة وإسكان الواو وكسر الصاد المهملة وإسكان التحتية وراء والنسبة إليها بوصيري؛ كما في المراصد واللباب وإنه في باب الموحدة ولم يذكر واشيا في الهمزة. قال ابن ججر الهيثمي: كان أحد أبوي المذكور من بوصير الصعيد والآخر من دلاص، أي: بفتح الدال المهملة قرية بالبهنسي، أي: كفر مصري كما في المراصد والقاموس، فركبت النسبة نهما، فقيل الدلاصيري: ثم اشتهر بالبوصيري، قيل: ولعلها بلد أبيه فغلبت عليه، انتهى. أو لنشأته بها كما مر عن السيوطي، ولو سلم أن القرية بلفظ الكنية فإنما يقال في النسبة صيري بحذف الجزء الأول كما يقال بكري في النسبة إلى أبي بكر؛ إذ لا ينسب إلى الاسمين معا المضاف والمضاف إليه؛ لأن إعراب أولهما بحسب العوامل، والثاني مخفوض بالإضافة كما بينه الشاطبي والرضي وغيرهما.