للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث مروي في الهجرة، أنه عليه السلام ناداه ثبير: اهبط عني، فإني أخاف أن تقتل على ظهري فأعذب، فناداه حراء: إلي يا رسول الله.

وذكر قاسم بن ثابت في الدلائل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما دخل الغار وأبو بكر معه، أنبت الله على بابه الراءة. قال قاسم: وهي شجرة معروفة،................


"وفي حديث مروي في الهجرة" وذكره عياض في الشفاء "أنه عليه السلام ناداه ثبير" لما صعده "اهبط عني، فإني أخاف أن تقتل على ظهري، فأعذب" بالنصب عطفا على تقتل، وإنما خاف العذاب؛ لأنه لو لم يذكر له ذلك مع علمه بأنه لا مكان فيه يستره كان غشا منه يستحق به العذاب، أو لأنه لو قتل على ظهره غضب الله على المكان الذي يقع فيه مثل هذا الأمر العظيم كما غضب على أرض ثمود، فلا يرد كيف يعذب بذنب غيره ولا تزر وازرة وزر أخرى، ويوجه بأن خوفه بمعنى حزنه وتأسف عليه، ونحو ذلك مما لا وجه له.
"فناداه حراء: إلي يا رسول الله! " وهو مقابل ثبير مما يلي شمال الشمس وبينهما الوادي وهما على يسار السالك إلى منى، ولم يذهب له لسبق عبده فيه فخشي طلبهم فيه لما عهدوه من ذهابه إليه، فذهب إلو ثور دون غيره لحبه الفال الحسن، فقد قيل: الأرض مستقرة على قرن الثور فناسب استقراره فيه تفاؤلا بالطمأنينة والاستقرار فيما قصده هو وصاحبه. قال السهيلي: وأحسب في الحديث أن ثورا ناداه أيضا لما قال له ثبير: اهبط عني، انتهى.
وذكر بعضهم: أنه ذهب إلى حنين فناداه: اهبط عني، فإني أخاف أن تقتل على ظهري فأعذب، فناداه ثور إلي: يا سول الله فإن صح ذلك كله فيحتمل أنه ذهب له أولا فلما قال ذلك وناداه حراء لم يذهب له لما ذكر فناداه ثور إن صح أو ذهب إليه دون نداء لكن الذي في الحديث الصحيح أنهما وعدا الدليل غار ثور بعد ثلاث ليال يقتضي أنهما ما خرجا إلا قاصدين إليه.
"وذكر قاسم بن ثابت" بن حزم أبو محمد العوفي السرقسطي الأندلسي المالكي الفقيه المحدث المقدم في المعرفة بالغريب والنحو والشعر المشارك لأبيه في رحلته وشيوخه، الورع الناسك مجاب الدعوة، سأله الأمير أن يلي القضاء فامتنع فأراد أبوه إكراهه فقال: أمهلني ثلاثة أيام فمات فيها سنة ستين وثلاثمائة، فكانوا يرون أنه دعا نفسه بالموت.
"في الدلائل" في شرح ما أغفل أبو عبيد وابن قتيبة من غريب الحديث: مات قاسم ولم يكمله فأتمه أبوه ثابت الحافظ المشهور، "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما دخل الغار وأبو بكر معه أنبت الله على بابه الراءة" بالراء المهملة والمد والهمز والجمع الراء بلا هاء؛ كما في القاموس.
"قال" قاسم المذكور: "وهي شجرة معروفة" فحجبت عن الغار أعين الكفار، إلى هنا كلام

<<  <  ج: ص:  >  >>