للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقبل فتيان قريش من كل بطن بعصيهم وهراويهم وسيوفهم، فجعل بعضهم ينظر في الغار، فلم ير إلا حمامتين وحشيتين بفم الغار، فرجع إلى أصحابه فقالوا له: ما لك؟ فقال: رأيت حمامتين وحشيتين فعرفت أنه ليس فيه أحد. وقال آخر: ادخلوا الغار، فقال أمية بن خلف: وما أربكم إلى الغار، إن فيه لعنكبوتا أقدم من ميلاد محمد.

وقد روي أن الحمامتين باضتا في أسفل النقب ونسج العنكبوت، فقالوا لو دخلا لكسر البيض................


أقبل فتيان من كل بطن بعصيهم وهراويهم" بفتح الهاء الأولى جمع هراوة، وهي العصا الضخمة فهو عطف خاص على عام، قال البرهان: وكان ينبغي أن يكتب بالألف وينطق بها، فيقال: هراواهم، أو أنه يقال هراوي وهراوى كصحاري وصحارى.
"وسيوفهم فجعل بعضهم ينظر في الغار، فرأى حمامتين وحشيتين بفم الغار" هذا ظاهر في قربه منه جدا، وفي الشامية: حتى إذا كانوا من الغار على أربعين ذراعا جعل بعضهم ينظر فيه والمنافاة. ففي الاكتفاء: حتى إذا كانوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- على قدر أربعين ذراعا تقدم أحدهم فنظر فرأى الحمامتين، "فرجع إلى أصحابه، فقالوا له: ما لك؟ فقال حمامتين وحشيتين فعرفت أنه ليس فيه أحد" زاد في رواية: فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- ما قاله، فعرف أن الله قد درأ عنه. "وقال آخر: ادخلوا الغار، فقال أمية بن خلف": الكافر المقتول ببدر "وما أربكم؟ " بفتحتين وبكسر فسكون، أي: حاجتكم، "إلى الغار إن فيه لعنكبوتا أقدم من ميلاد محمد" تتمة الحديث: ثم جاء فبال.
وفي حديث أسماء عند الطبراني: وخرجت من قريش حين فقدوهما وجعلوا في النبي -صلى الله عليه وسلم- مائة ناقة، وطافوا في جبال مكة حتى انتهوا إلى الجبل الذي فيه -صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: يا رسول الله! إن هذا الرجل ليرانا وكان ماجهه، فقال: "كلا إن ثلاثة من الملائكة تسترنا بأجنحتها"، فجلس ذلك الرجل يبول مواجه الغار، فقال -صلى الله عليه وسلم: "لو كان يرانا ما فعل هذا"، ومر أن القائف قعد وبال، فيحتمل أنه هو أو أمية أو غيرهما.
"وقد روي أن الحمامتين باضتا في أصل النقب ونسج" بالجيم "العنكبوت" والنسج في الأصل الحياكة استعمل في فعل العنكبوت مجازا لما بينهما من المشابهة، وفي حياة الحيوان: العنكبوت دويبة تنسج في الهواء، ومنه نوع من حكمته أنه يمد السدى ثم يعمل اللحمة ويبتدئ من الوسط ونسجها ليس من جوفها بل من خارج جلدها، وفمها مشقوق بالطول، وهذا النوع ينسج بيته دائما مثلت الشكل وسعته بحيث يغيب فيه شخصها. "فقالوا: لو دخل لكسر البيض

<<  <  ج: ص:  >  >>