"وهم" أي: الكفار، "يقولون ما بالغار من أرم" بفتح الهمزة وكسر الراء، أي: أحد نظرا إلى حوم الحمام حول الغار ونسج العنكبوت على فمه، كما أشار إليه قوله: "ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على خير البرية" الخلق "لم تنسج" بفتح التاء وكسر السين وضمها: العنكبوت، "ولم تحم" لم تدر الحمام حوله ففيه لف ونشر مقلوب، "وقاية الله" حفظه بهذين الضعيفين جدا من عدوه مع شدة بأسه، "أغنت" كفت "عن مضاعفة من الدروع" بمهملة، أي: من الدروع المضاعفة وهي المنسوجة حلقتين حلقتين تلبس للحفظ من العدو "وعن وعال من الأطم" بضم الهمزة والطاء: الحصون التي يتحصن فيها، "أي: عموا عما في الغار مع خلق الله ذلك" العمى المفهوم من قوله قبل فعميت عن دخوله، "فيهم" والمراد إن الله خلق في أعينهم هيئة منعتهم الرؤية مع سلامة أبصارهم، "لأنهم ظنوا أن الحمام لا تحوم حوله عليه السلام" لأن عادته النفرة "وأن العنكبوت لا تنسج عليه السلام لما جرت" به" العادة أن هذين الحيوانين متوحشان لا يألفان معمورا فهم أحسا بالإنسان فرا منه" وقد روي أن المشركين لما مروا على باب الغار طارت الحمامتان فنظروا بيضهما ونسج العنكبوت، فقالوا: لو كان هنا أحد لما كان هنا حمام، فلما سمع -صلى الله عليه وسلم- حديثهم علم أن الله حماهما بالحمام وصرف كيدهم بالعنكبوت، "وما علموا أن الله يسخر ما شاء من خلقه لمن شاء من خلقه" وقد سخر الأسد ولبوته ولدانيال في الجب حتى صارا يلحسانه، وسخر العصا ثعبانا لموسى وهارون إذا ناما تدور حولهما وتحميهما، ولكن ما هنا أبلغ في إذلال المشركين لما نالهم من شدة الحسرة لما علموا بعد ذلك وأنهم منعوا بشيء لا يضرهم لو أزالوه بزعمهم بخلاف الأسد والحية، "وأن وقاية الله عبده بما شاء تغني