قال ابن كثير: وهذا ليس بمنكر من حيث القدرة العظيمة، ولكن لم يرد ذلك بإسناد قوي ولا ضعيف، ولسنا نثبت شيئا من تلقاء أنفسنا. "وروي أن أبا بكر، قال: نظرت إلى قدمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الغار وقد تقطرتا دما" أي: سال دمهما، فدما تمييز محول عن الفاعل، أي: أثر حفاة في قدميه حتى أسال دمهما، "فاستبكيت" اسين زائدة للتأكيد لا للطلب لما علم من رقة قلبه وشدة حبه للمصطفى المقتضي لغلبة البكاء بلا استجلاب له، "وعلمت أنه" بحذف مفعول علمت، أي: أن ما أصابه إنما هو لما ناله من المشقة؛ لأنه "لم يكن تعود الحفى" بفتح المهملة مقصور المشي بلا خف ولا نعل، "والجفوة" بفتح الجيم وتكسر، أي: الجفاء، أي: لم يتعود كونه مجفوا أو لم يتعود أن قومه جفوة له، قال في الرياض النضرة: ويشبه أن يكون ذلك من خشونة الجبل وكان حافيا وإلا فبعد المكان لا يحتمل ذلك أو لعلهم ضلوا طريق الغار حتى بعدت المسافة، ويدل عليه رواية: فمشى رسول الله ولا يحتمل ذلك مشي ليلة إلا بتقدير ذلك أو سلوك غير الطريق تعمية على الطالب، انتهى. ويروى أنه عليه السلام خلع نعليه في الطريق، وعند ابن حبان أنهما ركبا حتى أتيا الغار فتواريا، ولا ينافي ذلك ما روي من تعب المصطفى وحمل أبي بكر إياه على كاهله؛ لاحتمال أن يكون ذلك في بعض الطريق، قال في الوفا: ولا ينافي ركوبهما مواعدتهما الدليل بأن يأتي بالراحلتين بعد ثلاث؛ لاحتمال أنهما ركبا غير الراحلتين أو هما، ثم ذهب بهما ابن فهيرة إلى الدليل ليأتي بعد ثلاث. وفي دلائل النبوة من مرسل ابن سيرين، وهو عند أبي القاسم البغوي من مرسل ابن أبي مليكة وابن هشام عن الحسن بلاغا: أن أبا بكر ليلة انطلق معه -صلى الله عليه وسلم- إلى الغار كان يمشي بين يديه ساعة ومن خلفه ساعة، فسأله فقال: أذكر الطلب فأمشي خلفك،