"وروي أيضا أن أبا بكر دخل الغار قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقيه بنفسه، وإنه رأى جحرا" بضم الجيم وإسكان المهملة، "فيه فألقمه عقبه" بعد أن سد غيره بثوبه، فيروي أنه قال: والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك فدخله فجعل يلتمس بيده فكلما رأى جحرا قطع من ثوبه وألقمه الجحر حتى فعل ذلك بثوبه أجمع فبقي جحر فوضع عقبه عليه. وروي أن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي بكر: أنهما لما انتهيا إلى الغار إذا جحر فألقمه أبو بكر رجليه، وقال: يا رسول الله! إن كانت لدغة أو لسعة كانت بي، وهو صريح في إلقامه رجليه جميعا فتحمل رواية عقبة على الجنس فتصدق بهما، وهي مبينة للمراد من رجليه؛ "لئلا يرج منه ما يؤذي رسول اله -صلى الله عليه وسلم" لاشتهاره بكونه مسكن الهوام، فدخل فرأى غارا مظلما فجلس وجعل يلتمس بيده كلما وجد جحرا أدخل فيه أصبعه حتى انتهى إلى جحر كبير فأدخل رجله إلى فخذه، كذا في البغوي. "فجعلت الحيات والأفاعي تضربنه وتلسعنه" عطف تفسير "فجعلت دموعه تنحدر" من ألم لسعها. "وفي رواية" عن عمر بن الخطاب، ثم قال -أي بعد استبرائه الغار لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: ادخل، فإني سويت لك مكانا، "فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووضع رأسه في حجر أبي بكر" بكسر الحاء وسكون الجيم، "ونام فلدغ" بمهملة فمعجمة لذوات السموم وعكسه للذع النار "أبو بكر في رجله من الجحر ولم يتحرك" لئلا يوقظ المصطفى "فسقطت دموعه على وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: $"ما لك يا أبا بكر"؟ قال: لدغت، فداك أبي وأمي، فتفل" بالفوقية "عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذهب ما يجده، رواه ابن رزين" بفتح الراء وكسر الزاي ابن معاوية أبو الحسن العبدري السرقسطي الأندلسي المالكي مؤلف تجريد الصحاح جمع فيه الموطأ والصحيحين