للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك يومك، فإذا بلغك أني قد ظهرت فأتنا".

قال الحافظ مغلطاي -بعد ذكره لقصة أم معبد: وفي الإكليل قصة أخرى شبيهة بقصة أم معبد. قال الحاكم: فلا أدري أهي هي، أم غيرها. خاتمة.


ذلك يومك" لعلمه أنه إذا ذهب معه تبعه قومه ومنعوه من ذهابه معه وعاقبوه، والمراد باليوم مطلق الزمن، لا خصوص اليوم الذي هو فيه، بدليل قوله: "فإذا بلغك أني قد ظهرت فأتنا"، وهو يرد احتمال: أنا متبعك فأظهر إيماني وإن نهيه خوفا عليه من الإيذاء، ثم هذا الحديث قطعا غير قصة الراعي الذي أتى يريد ظل الصخرة التي نام تحتها -صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: إن في غنمه لبنا وحلب هو لأبي بكر وبرّد أبو بكر اللبن حتى استيقظ المصطفى كراهة أن يوقظه ثم سقاه، وأما هذا العبد فذكر أنه لا لبن معه وإنما أتى اللبن معجزة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي حلب وسقاه بعد أبي بكر ثم شرب هو آخرهم، ففي ظن صاحب الخميس اتحادهما، فإنه ذكر قطعة من حديث الراعي وعقبها بخبر العبد، ثم قال: أورد في المواهب قصة العبد الراعي بعد قصة أم معبد نظر ظاهر، وقصة الراعي كانت قبل قصة سراقة، وهي بعد قصة أم معبد؛ كا أفاده في فتح الباري. فقال: قبل حديث سراقة في قوله: فأخذ بهم طريق الساحل تقدم في علامات النبوة، وفي مناقب أبي بكر ما اتفق لهما حين خرجا من الغار من لقى راعي الغنم وشربهما من اللبن، انتهى.
"قال الحافظ مغلطاي بعد ذكره لقصة أم معبد، وفي الإكليل" للحاكم أبي عبد الله "قصة أخرى شبيهة بقصة أم معبد، قال الحاكم: فلا أدري أهي هي أم غيرها"، وفي قوله: أخرى، وقوله شبيهة رد لتردد الحاكم فيها، وقد رواه تلميذه البيهقي بسند حسنه ابن كثير عن أبي بكر، قال: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة فانتهينا إلى حي من أحياء العرب، فنزلنا على بيت منه لم يكن فيه إلا امرأة وذلك عند المساء، فجاء ابن لها بأعنز يسوقها فقالت له أمة: انطلق بهذه الشفرة والشاة لهذين الرجلين، وقل لهما: اذبحاها وكلا منها وأطعمانا، فرد النبي -صلى الله عليه وسلم- الشفرة، وقال له: "ائتني بقدح"، فقال له: إنها عزبة، أي: لم يطرقها الفحل، قال: "انطلق"، فانطلق فجاء بقدح، فمسح -صلى الله عليه وسلم- ضرعها ثم حلب ملء القدح وأرسلها لأم الغلام معه فشربت حتى رويت، ثم دعا -صلى الله عليه وسلم- بأخرى ففعل بها كذلك، ثم سقى أبا بكر، ثم دعا بأخرى ففعل بها كذلك وشرب -صلى الله عليه وسلم، فلبثنا ليلتين ثم انطلقنا، فكانت تسميه المبارك وكثرت غنمها حتى جلبت جلبا إلى المدينة، فمر أبو بكر عليها فعرفه ابنها، وقال لها: هذا الذي كان مع المبارك فسألته عنه، فقال لها: هو نبي الله -صلى الله عليه وسلم، فأدخلها عليه فأطعمها وأعطاها، قال: ولا أعلمه إلا قال: "أسلمت ".
قال البيهقي في الدلائل: وهذه القصة قريبة من قصة أم معبد ويشبه أن تكونا واحدة. وذكر ابن إسحاق ما يدل على أنهما واحدة، فيحتمل أنه رأى التي في كسر الخيمة أولا، ثم رجع

<<  <  ج: ص:  >  >>