والذي يظهر أنها غيرها كما أشار إليه مغلطاي، كيف وفي قصة أم معبد أن الشاة التي حلب، إنما هي التي في كسر الخيمة وسقى الجميع منها ثم شرب، وإن الآتي بالأعنز إنما هو زوجها بعدما ذهبوا، وأيضا فقد قال في هذه: فلبثنا ليلتين إذ لو لبثا هما لأدركهما زوجها على المبتادر ولا مانع من التعدد، إلى هذا جنح في فتح الباري فقال: أخرج البيهقي في الدلائل شبيها بأصل قصة أم معبد في لبن الشاة المهزولة دون ما فيها من صفته -صلى الله عليه وسلم- لكنه لم يسمها في هذه الرواية ولا نسبها، فاحتمل التعدد. والله أعلم. خاتمة: ومما وقع لهم في الطريق أنه -صلى الله عليه وسلم- لقي الزبير في ركب من المسلمين، كانوا تجارا قافلين من الشام، فكسى الزبير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثيابا بيضاء، رواه البخاري عن عروة مرسلا، ووصله الحاكم عن عروة عن أبيه الزبير، وكذا لقيهما طلحة بن عبيد الله وكساهما، رواه ابن أبي شيبة وغيره، وأخرج البيهقي عن بريدة بن الحصين، قال: لما جعلت قريش مائة من الإبل لمن يرد النبي -صلى الله عليه وسلم- حملني الطمع فركبت في سبعين من بني سهم فلقيته، فقال: "من أنت"؟ قلت: بريدة، فالتقت -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر، وقال: "بردًا مرنًا وصلح"، ثم قال: "ممن أنت"؟ قلت: من أسلم، قال: "سلمنا"، ثم قال: "ممن"؟ قلت: من بني سهم، قال: "خرج سهمك يا أبا بكر"، فقال بريدة للنبي -صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قال: "أنا محمد بن عبد الله رسول الله"، فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فأسلم بريدة وأسلم من كان معه جميعا، قال بريدة: الحمد لله الذي أسلم بنو سهم طائعين غير مكرهين، فلما أصبح قال بريدة: يا رسول الله! لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء فحل عمامته ثم شدها في رمح ثم مشى بين يديه حتى دخلوا المدينة. "ولما بلغ المسلمين" حال كونهم "بالمدينة خروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة" ولعله بلغهم لما سمع أهل مكة الهاتف أو نحو ذلك، فلا ينافي أنه لم يعلم بخروجه من مكة إلا علي وآل أبي بكر، "فكانوا" جواب لما دخلته الفاء على قلة "يغدون" بسكون المعجمة: يخرجون غدوة، وأتى بقوله: "كل غادة" أي: بكرة النهار مع قوله يغدون إشارة إلى تكرر ذلك منهم وهو أقوى من كان من المضارع؛ لأن منهم من صحح أنها لا تفيد التكرار أو لأنه لما استعمل الغدوة في الذهاب، أي: وقت كان، كان ذكره الأزهري أتى به ليعين المراد منه "إلى الحرة" بفتح المهملة وشد الراء: أرض ذات حجارة سود كانت بها الوقعة المشهورة أيام يزيد، "ينتظرونه حتى